أخبارضاية حشلاف.. استثناء بين جل المسطحات المائية بمنطقة الأطلس المتوسط

أخبار

13 يونيو

ضاية حشلاف.. استثناء بين جل المسطحات المائية بمنطقة الأطلس المتوسط

محمد الصغير

إفران 13 يونيو 2019 /ومع/ لم تفقد ضاية (حشلاف) الواقعة بضواحي إفران من قيمتها كمتنفس طبيعي في المنطقة، وظلت صامدة أمام التحولات الإيكولوجية بفعل عوامل عدة، لتشكل الاستثناء بين جل بحيرات الأطلس المتوسط.

وهذه الحقيقة تبدو جلية بمجرد ولوج الطريق المؤدية إليها عند الخروج بكلمترات قليلة من إيموزار-كندر في اتجاه إفران على الطريق الوطنية رقم 24، حيث يجب المرور ، أولا ، على ضاية (عوا) “التي لم تعد تحمل من الضاية إلا الاسم”، بعد أن أصبحت ترتادها قطعان ماشية تتغذى من أعشاب متناثرة هنا وهناك.

ووفق كتابات عدة، فإن ضاية (عوا) هي أحد المزارات السياحية ذائعة الصيت في المغرب، حيث يقصدها عشاق السياحة الجبلية والإيكولوجية، وأن مساحتها المقدرة ب140 هكتارا، تتغير بتغير الفصول وتحولات الطقس، وتعيش في مياهها أسماك متنوعة، أبرزها السمك النهري المسمى “الزنجور”  الذي يعد  أكثر الأنواع السمكية وفرة في البحيرة.

إلا أن زائرها لن يجد شيئا مما ذكر، حيث يضطر لقطع بضع كلمترات على طريق متهالكة أقرب إلى مسلك، للعثور على هكذا مواصفات والتي لن يجدها بالمنطقة، إلا في ضاية (حشلاف) الواقعة بين فاس وإفران.

في هذا الموقع، تجتمع كل ألوان الجمال الإيكولوجي من هدوء وشجر ومياه ووفرة للسمك (الترويتة)، كمقومات تسعى المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر للحفاظ عليها، وإبقاء هذا الوسط الطبيعي نقطة جذب لمحبي الطبيعة وهواة صيد السمك.

ومن خصائص هذه البحيرة أو “المسطح المائي” كما وصفه عثمان برزوق مهندس مسؤول عن محطة رأس الماء لتربية الأسماك بآزرو، أنها منطقة رطبة مميزة بالأطلس المتوسط تصل مساحتها إلى حوالي 14 هكتار وعمقها 3 أمتار وتتواجد على علو 1650 متر.

ويوضح المهندس برزوق لوكالة المغرب العربي للأنباء بينما كان يشرف على استزراع مجموعة من الأسماك بهذه الضاية، أن البحيرة تتغذى على مجموعة من العيون التي هي ناتجة عن السيلان الباطني الذي توفره التساقطات المطرية والثلوج.

وأثنى على جهود المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر للنهوض بمختلف الأوساط الطبيعية منها تثمين هذا المسطح المائي باستزراع أسماك الترويتة خاصة “الترويتة القزحية” التي تستهوي مجموعة من الصيادين الذين يتوافدون على المنطقة من مختلف أنحاء المملكة.

وتتم عملية الاستزراع قبل نحو 48 ساعة من يوم الاصطياد، باستقدام أسماك داخل وعاء به ماء وآليات أخرى تحافظ على الأكسجين داخله، ويلقى بها في البحيرة مع تجنب الإخلال بالنظام الطبيعي لحياة السمك، خاصة درجة حرارة المياه ونسبة الأكسجين بها.

ويستمر المهندس برزوق في حديثه في توضيح برامج عمل المندوبية السامية للحفاظ على التراث الطبيعي الذي يوجد تحت إشرافها، والذي يتضمن شروطا برسم موسم 2019 -2020، تراعي المحيط البيئي والثروة السمكية بالمياه القارية.

وهذه الشروط تنطبق على بحيرة (حشلاف) التي انطلق الصيد بها في 5 ماي 2019 وسينتهي في 18 غشت المقبل، حيث تكون عملية الصيد كل يوم أحد، وفق برزوق الذي أفاد بأن البحيرة عرفت ، حتى متم الشهر الماضي، توافد 213 صيادا، بمعدل 71 شخصا كل يوم أحد.

وإذا كان الولوج إلى هذا الفضاء الطبيعي متاحا للجميع، فإن عملية الصيد به  مقيدة بشروط أجملها المتحدث في التوفر على رخصة خاصة بقيمة 150 درهم تمكن صاحبها من اصطياد ثماني سمكات فقط مع إمكانية تجديد الرخصة إذا ما رغب ما في مضاعفة الغلة (16 سمكة)، كما أن الصيد يكون بواسطة قصبة ومحدود في الزمان (من السابعة صباحا إلى غاية الواحدة زوالا).

وهذه الأسماك المستزرعة في المسطح المائي (حشلاف) – يقول المهندس برزوق – يتم استقدامها من محطة راس الماء بآزرو “التي هي الوحيدة بالمغرب وشمال إفريقيا.

وتابع أن هذه المحطة أنشئت سنة 1957، “حيث يترواح إنتاجها السنوي بين مليونين و5 ،2 مليون من صغار أسماك الترويتة سواء القزحية أو النهرية، و70 في المائة من هذا الإنتاج نقوم باستزراعه بمناطق مخصصة لصغار الأسماك بالأنهار والبحيرات المصنفة، ونعمد إلى تكبير 30 في المائة منها لتجديد مخزون فحول المحطة ولاستزراع مختلف الأوساط منها ضاية حشلاف”.

وخلص إلى أن الأسماك التي يتم استزراعها بمختلف البحيرات، يترواح طولها بين 30 و50 سنتم ويقارب وزنها 1 كلغ، وأن الأسماك التي يلقي بها في بحيرة (حشلاف) لا يتجاوز طولها 38 سنتم ووزنها بين 500 و800 غرام.

ضاية (حشلاف) التي قد تكون الاستثناء بالمنطقة، في حاجة إلى تأهيل حتى تحافظ على جاذبيتها، منها تهيئة الطريق المؤدية إليها ضمن مشروع يجري تحضيره من طرف المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر.

ويقوم المشروع على تهيئة جنبات البحيرة بالأحجار لمنع انزلاق التربة وتمكين عملية الصيد في  ظروف ملائمة ومريحة، وتنقيتها، وتقسيمها إلى شطرين عبر سياج في وسطها، واحد مخصص للأسماك الصغيرة تنمو داخله، والآخر تتوفر به الأسماك الكبيرة الصالحة للصيد بما يضمن استمرارية مخزون البحيرة من الثروة السمكية.

اقرأ أيضا