تافراوت.. واحة أيت منصور فضاء إيكولوجي سياحي يختزن تراثا معماريا عريقا
إعداد: التهامي العم
تافراوت – تعد واحة ايت منصور، الواقعة بالجماعة الترابية أفلا إغير، نواحي مدينة تافراوت، فضاء إيكولوجيا وسياحيا يختزن تراثا معماريا من الثقافة الأمازيغية العريقة، لما تتوفر عليه من مزارات سياحية ومناظر طبيعية خلابة ومناخ معتدل وبنايات أثرية تثير اللاهتمام.
وتمتد واحة ايت منصور داخل المنحدرات الجبلية لسلسلة جبال الأطلس على بعد نحو 30 كيلومتر عن مدينة تافراوت، وتجذب عدد كبيرا من الزوار والسياح سنويا بفضل طبيعتها الخلابة وجوها الهادئ وسط خرير المياه والنخيل وأشجار اللوز المزهر ومآثرها التاريخية وقراها التي تبدو كقصبات تاريخية من زمن آخر عند رؤيتها من سفح الجبل.
فالواحة، الواقعة على بعد 195 جنوب شرق أكادير، تجمع كل مميزات الملاذ الآمن بعيدا عن صخب وضوضاء المدينة، بفضل جوها الهادئ والمريح وطيبة سكانها، لتجعل السائح أسير مناظرها الطبيعية.
وتشكل البيوت الطينية القديمة واحدة من أهم الكنوز التراثية والمعمارية التي تركت بصماتها بالدواوير الواقعة بهذه الواحة الجميلة. إذ يلفت انتباهك، وأن تزورهذه الواحة، تلك البيوت الطينية المنتشرة على طول الوادي، وهي لا تزال صامدة أمام العوامل الطبيعية التي عرفتها المنطقة، وذلك بفضل أسلوب معماري صممه القدامى ليجعل منها بيوتا ذات خصائص مثالية تقي من الحر والبرد.
غير أن هذه الواحة كرأسمال مادي ورمز لثقافة محلية عريقة جعل مختلف الفاعلين والمتدخلين يعملون جاهدين من أجل جعل المجال الواحاتي فضاء للمحافظة على التوازن الطبيعي وتحقيق التنمية المستدامة وإنعاش السياحية المحلية من خلال استعادة ثقافة العناية بالمجال الواحاتي والبيئي في المنطقة.
وفي هذا الإطار، عملت الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، ضمن برنامج وطني شامل، على حماية وتنمية أشجار النخيل بهذه الواحة، لا سيما من خلال وضع مشاريع اقتصادية واجتماعية لتحسين إنتاجها وتطوير تسويقها وتوزيعها.
وأكد المدير العام للوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، السيد إبراهيم حافيدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الوكالة تعمل على تنفيذ برنامج طموح لتأهيل واحة أيت منصور وذلك بتنسيق مع مختلف المتدخلين والقطاعات في تنفيذ هذا البرنامج، الذي يضم كل من وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ممثلة في قطاعاتها، ووزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي والجماعات المحلية بإقليم تزنيت والتعاونيات.
وأضاف أن هذه الواحة، التي يبلغ عدد سكانها 2500 نسمة وتغطي 140 هكتار، والتي تعرف بإمكاناتها السياحية الفلاحية الهائلة، وبخبرات ساكنتها العريقة، كانت تعاني من وضع متدهور من حيث بنيتها التحتية ومواردها، مما شكل تهديدا لاستدامتها ومصالح ساكنتها.
وأبرز أن مشروع إعادة تأهيل هذه الواحة، الذي بلغت تكلفته الاجمالية 167 مليون درهم، يتكون من أربع مكونات مرتبطة، تهم الترويج السياحي من خلال تهيئة المسارات والمحاور، وتأهيل المؤسسات الموجودة وإحداث بنيات جديدة لاستقبال السياح في الواحة، وإجراءات أخرى لإنعاش السياحة ودعم الشباب النشيطين في منطقة الواحة، وتأهيل الواحة من حيث التهيئة الهيدرو-فلاحية والعقار وتنقية الأعشاش وصيانة النخيل ودعم النسيج التعاوني الفلاحي، وحماية الواحة من الفيضانات من خلال عمليات تهيئة محددة وكذا تدبير تنظيف الصرف والسيول، وتحسين الطريق الرئيسي داخل الواحة.
وبهدف تحسين كفاءة شبكات الري وحماية الأراضي الفلاحية والمنشآت المائية بالمنطقة، أكد السيد حافيدي أنه خصص لأشغال التهيئة الهيدرو-فلاحية، المتعلقة بتأهيل الدوائر السقوية الصغيرة والمتوسطة لواحة آيت منصور، استثمارا ماليا بلغت قيمته حوالي 5.10 مليون درهم، إذ تشمل هذه الأشغال بناء وتكسية شبكة الري “سواقي”، وبناء وإصلاح ل 10 صهاريج لتجميع مياه الري بالإضافة إلى استجماع والمحافظة على 10 عيون للمياه.
وأضاف أن مشروع المحافظة على الأراضي الفلاحية والمنشآت المائية على ضفاف الواحة، الذي تقدر تكلفته المالية ب 22.5 مليون درهم، يشمل المحافظة على الأراضي الفلاحية والأجزاء المتدهورة على مستوى ضفاف الواحة بواسطة الحماية الميكانيكية (المتاريس الحجرية) وكذا إصلاح منحدرات الوديان ضد الانجراف المائي وحماية المنشآت المائية.
وذكر أن المشروع الكبير لتأهيل واحة آيت منصور، فيتضمن التنمية السياحية لموقع “تلات إيسي” الذي تشرف عليه شركة التنمية السياحية الجهوية بسوس ماسة وكذلك المدرسة الحقلية الخاصة بإنتاج الخضر البيولوجية والنباتات العطرية والطبية عبر منهجية الملقحات البرية المثبتة على مستوى “دوار تلات”- الجماعة الترابية ل”أفلا إغير”. وقد ارتفعت ميزانية تدخلات المدرسة الحقلية منذ سنة 2020، إلى 54 ألف و 260 درهما. وتهدف إلى المحافظة على ملقحات التنوع البيولوجي ومواجهة التغيرات المناخية والرفع من الإنتاجية ودخل الفلاحين.
ولئن كان هذا الفضاء الأخضر يشكل إرثا ثقافيا وإيكولوجيا بالمغرب، فإنه يتعين المحافظة عليه من الحرائق الناجمة عن موجات الحر المفرطة التي تشهدها بلادنا بين الفينة والحين.