ليلي صدقي .. مخترعة مغربية تشق طريقها بثبات نحو العالمية في مجال النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة
بني ملال – ليلى صدقي ( ابنة مدينة خريبكة)، واحدة من النساء المغربيات التي استطاعت أن ترسم لها اسما وحضورا قويا في مجال الابتكار والاختراع، من خلال تكوين علمي وطاقات إبداعية عبدت لها الطريق نحو العالمية في مجال الكهرباء والنجاعة الطاقية والطاقات المتجددة .
وبصمت هذه الشابة ، الحاصلة على دبلوم مهندس الدولة في الإلكتروميكانيك بالمدرسة الوطنية للصناعة المعدنية سنة 2007، بفضل مسارها المهني ومهاراتها العلمية على حضور متميز داخل المغرب وخارجه من خلال اشتغالها على واحد من الأبحاث العلمية في مجال الكهرباء لكن بنظرة علمية جديدة تصب في الانشغالات العالمية التي تنادي بالمحافظة على البيئة والتنمية المستدامة ومواجهة التغيرات المناخية.
وتؤكد هذه المهندسة ، التي تواصل دراستها بالطور الأخير من مناقشة دكتوراه الدولة في النجاعة الطاقية للمباني بالمدرسة المحمدية للمهندسين بالرباط، على قدرة وعزيمة المرأة المغربية في بلوغ مراتب متقدمة ودرجات عليا في مختلف المجالات التي كانت بالأمس القريب حكرا على فئة مجتمعية ذكورية.
ولعل ما أهل ليلى، التي أضحت من أبرز المخترعين الشباب في مجال الطاقات المتجددة ، لحمل مشعل نموذج المرأة المغربية المؤمنة بطاقاتها على الخلق والإبداع، إيمانها القوي بأن بلوغ الأهداف يتيسر بالإرادة ونبل الأفكار والتطلع إلى المستقبل بأفكار خلاقة ومبدعة.
وقد استطاعت صدقي ، الحاصلة على دبلوم مدرب حياة من الأكاديمية الدولية للتنمية البشرية “فوكس”، إلى الدخول إلى مصاف المخترعين الكبار من خلال اشتغالها على مشروع جديد يتمثل في توصلها إلى نظام جديد للإنارة بضوء الشمس يوفر الإضاءة دون كهرباء في النهار ويمكن أن يشتغل في الليل ، حيث يولد هذا الابتكار ضوءا طبيعيا يوازي مائة بالمائة من ضوء الشمس، وبالتالي يتيح إنارة طبيعية متغيرة حسب المناخ.
هذا النظام الكهربائي الجديد “صولاردو”، وبصيغة المؤنث، يتيح توفير إنارة طبيعية من أشعة الشمس من خلال استعمال الألياف البصرية دون حاجة إلى الكهرباء، حيث يقتصد 30 في المائة من الطاقة الكهربائية المستهلكة للإنارة في المباني عبر الإنارة الطبيعية .
وبهذا العمل العلمي الكبير ، الذي يعتمد على تثبيت لاقط مغطى بالمرايا موصول بألياف ضوئية بصرية، يتحرك بحركة الشمس ويلتقط الأشعة ويجمعها في نقطة مركزية ، استطاعت ليلى صدقي أن تبرهن على كفاءة المرأة المغربية المبتكرة التواقة إلى إبراز الحضور المغربي في مختلف التظاهرات العلمية الوطنية والعربية والدولية.
كما يعتمد الاختراع على الألياف البصرية المستعملة في مجال الاتصالات، والتي يمكنها نقل ضوء الشمس الطبيعي المركز صوب المكان المراد إنارته داخل المبنى حتى وإن كان المكان تحت الأرض ومن دون نوافذ، ويمكن عبر تقنيات أخرى استخدام النظام ليلا.
ولا يقتصر دور النظام الكهربائي “صولاردو” فقط على توفير إنارة طبيعية من أشعة الشمس مباشرة، بل يوظف في استعمالات طبية عديدة من قبيل محاربة الميكروبات، وكذا مجالات التجميل والزراعة.
وحول المشروع تقول ليلى صدقي ” إن التفكير في هذا المشروع العلمي جاء انطلاقا من عملي كمهندسة في مجال النجاعة الطاقية، وكذا اشتغالي الخاص ،خلال مراحل البحت العلمي في مشروع الدكتوراه، على مشروع يساهم في تخفيض استهلاك الطاقة ، وبالتالي تحقيق عمل علمي من أجل طاقات متجددة ستغير مسار الإنسانية جمعاء”.
وأضافت، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الاختراع هو نظام ينقل ضوء الشمس من الخارج إلى داخل البنايات بواسطة الألياف البصرية معتمدا على مكثف بارابولي يركز أشعة الشمس في نقطة مركز كما هو لالتقاط الأمواج التلفازية، معتبرة أن هذا النظام يتوفر على فعالية وجودة عالية في الإنارة ويمكنه نقل ضوء الشمس الطبيعي بكل ماله من فوائد على صحة الإنسان ومردودية العمل.
وتابعت أنه ” تم تطوير فكرة المشروع في مختبر المدرسة المحمدية للمهندسين تحت إشراف أستاذ وأكاديمي متخصص ، حيث أن الإضافة النوعية التي أسفر عنها البحث همت استخدام الألياف البلاستيكية ونظام للفلترة الضوئية يجعل النظام أقل كلفة وأسهل استخداما داخل المباني”.
وقد ساهم هذا الانجاز العلمي ، الذي جاء ثمرة أربع سنوات من العمل المتواصل والدؤوب، في تمثيل ليلى صدقي في العديد من التظاهرات العلمية عبر مختلف دول العالم ، حيث تمكنت من رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية وحصولها على جوائز عالمية من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا.
ومن بين الجوائز التي بقيت عالقة في ذهن المخترعة المغربية، التي شغلت مناصب كمهندسة كهرباء في القطاعين الخاص والعام، تلك المتعلقة بحصولها على الميدالية الذهبية بكوريا الجنوبية في منافسات ” بيكسبو أوارد” 2017، والتي تمكنت خلالها من نزع هذا اللقب العالمي من بين أزيد من 18 دولة مشاركة في تجمع ضم 60 ألف مشارك ما بين متبارين وعارضين في مجال الكهرباء والطاقات المتجددة.
وإلى جانب هذا الإنجاز، حصلت المخترعة الشابة على ميدالية ذهبية بالولايات المتحدة الأمريكية في منافسات أكبر تجمع للمخترعين سنة 2017 ، وميدالية تقديرية من جامعة كالاتي برومانيا سنة 2017، وجائزة أحسن براءة اختراع بجامعة محمد الخامس بالرباط سنة 2017، والجائزة الأولى للتميز من مجموعة “مازن المغرب” و والوكالة الألمانية للتعاون الدولي (جيز) سنة 2017.
وبخصوص الاحتفال باليوم العالمي للمرأة ، ترى ليلى صدقي أن المرأة المغربية، ومن مختلف المشارب والاهتمامات ، تساهم إلى جانب الرجل في بناء صرح المغرب باعتبارها كائنا يمتلك قدرات الإبداع والتألق كيفما كان مجال تخصصها وانشغالاتها، مبرزة أن هذه المناسبة تشكل فرصة للوقوف على إنجازات ومختلف الحقوق التي أضحت تتمتع بها المرأة في جميع الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية.