جهات“أُكُّوكْ”… منظومة واحية وحيدة بسيدي إفني في حاجة إلى التفاتة للتثمين

جهات

30 نوفمبر

“أُكُّوكْ”… منظومة واحية وحيدة بسيدي إفني في حاجة إلى التفاتة للتثمين

(أحمد الكرمالي)

سيدي إفني – تعتبر واحة ” أُكُّوكْ ” الواقعة بين أحضان جبل وسط وادي بجماعة إيمي نفاست (إقليم سيدي إفني) جنوب الأطلس الصغير، من أعرق الواحات بجهة كلميم واد نون، بل والوحيدة في إقليم تغلب عليه التضاريس الجبلية، والتي تقاوم على مدى ثمانية قرون، عوامل الزمن وجور الانسان والطبيعة، أحيانا، وذلك لتظل مورقة خضراء مسرة للعابر ، إن عرف أصلا بوجودها، وابن الدار، الذي يعول عليها في معيشه اليومي.

 

وتتميز هذه الواحة، التي لا تبعد عن مدينة كلميم سوى بكيلومترين اثنين ممتدة على مساحة 34 هكتارا بسفح جبل أكوك، عن باقي الواحات التي يقع جلها بمناطق صحراوية سهلية، حيث تبدوا أشجارها من بعيد بين تلال فج جبلي تخترقها سواقي تجري فيها مياه عذبة نابعة من عين طبيعية أعلى الواحة ،تروي بساتين النخيل وشجر الأركان والأشجار المثمرة (زيتون، تيتن…) بالإضافة إلى الخضروات التي تشتهر بها الواحة دون غيرها من واحات جهة كلممي واد نون.

 

ويستحق هذا الإرث الإيكولوجي كبير الاهتمام والتثمين ورد الاعتبار، لاسيما في الوقت الذي تم فيه الانتباه الى أخطار التقلبات المناخية وما يشكله ذلك من تهديد للمنظومات الواحية. وهذا ما دفع عدد من الفاعلين المحليين وأساتذة جامعيين وباحثين الى بذل جهود جبارة لتسليط الضوء على هذه الواحة من أحل تثمينها والحفاظ عليها .

 

وربطت وكالة المغرب العربي للأنباء الاتصال بأحد المهتمين بهذا المجال، الأستاذ الجامعي والباحث، امبارك أوراغ، الذي أكد، بعين المكان، أن أكوك من الواحات العريقة بالجهة، مستشهدا بأن استقرار الساكنة بها يمتد لقرون طويلة ، بالإضافة إلى أن الإحصائيات العامة للسكان والسكنى لسنوات الستينيات من القرن الماضي بينت أن هناك امتدادا واستقرارا للساكنة بها وبالتالي يأتي تفسير الارتباط الوثيق لهذه الساكنة بهذه المنظومة.

 

ولم يفت هذا الباحث الجامعي، الذي أنجز عدة دراسات في مجالات عدة كالمياه وشجر الصبار، التنبيه، فيما يشبه صرخة، الى ما تعرفه واحة أكوك من اختلالات وتدهور بيئي كبير منذ فيضانات 2014 التي شهدها إقليم كلميم ونواحيه، والتي أثرت بشكل كبير على الواحة وعلى الفلاحة المعيشية، التي تلعب دورا مهما في استقرار ساكنة المنطقة.

 

وبالرغم من هذه الاختلالات وتهديد الفيضانات في كل لحظة وحين، وبالرغم من ظاهرة الجفاف وندرة موارد أخرى، يبرز الباحث أن ساكنة الواحة “لازالت مرتبطة بشكل كبير بهذه الواحة التي يتعين رد الاعتبار إليها كإرث إيكولوجي محلي يواجه رهانات تتطلب تعبئة أكبر من طرف المنظومة المحلية من سلطات ومنتخبين وقطاعات معنية”.

 

من جهته، أبرز الحسان خريبات ، رئيس (جمعية الوفاق للتنمية والثقافة والتواصل) بالمنطقة ، أن الواحة كمجال إيكولوجي ، تعرف في الآونة الأخيرة “تدهورا في أنظمتها الايكولوجية” نتيجة مجموعة من الاشكالات والإكراهات، منها الفياضانات، ما انعكس سلبا على ساكنة الواحة وبالتالي تراجع أدوارها التنموية.

 

وهذا الأمر يضيف الفاعل الجمعوي، يستدعي اعتماد مقاربة تشاركية مندمجة ومستدامة مع فلاحي الواحة، مشيرا في هذا السياق الى أنه تم الانخراط في شراكات مع جمعيات مهتمة بالمجال البيئ، لتشجيع وتثمين الزراعات البيولوجية بالواحة، ولرد الاعتبار لها وجعلها واحة مستدامة وإيكولوجية بالجهة.

 

أما امبارك بن احمد امبيريك، المعروف في الواحة ب”الرايس” ، وهو أحد العارفين بتاريخ الواحة وأحد حراس إرثها الشفهي والفلاحي ، فاعتبر هذه الواحة بمثابة “لوحة” طبيعية يعود تاريخها لأزيد من ثمانية قرون.

 

وبحرقة، يتابع في تصريح مماثل للوكالة “إنها واحة عريقة لكنها منسية رغم ما تزخر به من أشجار النخيل والأركان والزيتون والتين وجميع أنواع الخضروات “، داعيا الجهات المعنية إلى الاهتمام بها وحمايتها من انجرافات الوادي بسبب الفيضانات، وذلك على غرار واحات أخرى بمدينة كلميم التي لا تبعد عن واحة اكوك سوى بكيلومترين اثنين، (واحات القصابي، تيغمرت، عبودة، أسرير) التي استفادت من مشاريع للتهيئة والتثمين”.

 

وفي تصريحات استقتها الوكالة بالواحة، اعتبر عدد من الساكنة المزارعين ان الواحة تعاني، في الآونة الأخيرة، من مشاكل منها بالخصوص الضرورة القصوى لتنقية العين التي تنبع منها مياه الواحة وتشذيبها لتبقى بنفس قوة الصبيب الذي تشتهر به الواحة، وكذا من هجرة فئة الشباب الى المدن، الأمر الذي يؤثر سلبا على المنتوجات الفلاحية والمنظر الإيكولوجي .

 

وتجذر الإشارة الى أن واحة أكوك تتفرد عن غيرها من واحات جنوب المغرب، لا سيما جهة كلميم واد نون، بامتزاج مجموعة من النباتات والأشجار ذات خصائص مختلفة كالأركان والنخيل ، بالإضافة إلى تربتها الغنية التي أكد عدد من الباحثين أنها صالحة لاستغلالها في زراعة عدد كبير من الخضروات المتفردة كالبطاطا الحلوة واللفت والطماطم الصغيرة الحجم.

 

 

 

                 

اقرأ أيضا