رواد / قياديونزكية خطابي، الضمير الأخضر للسياسة في بلجيكا

رواد / قياديون

29 ديسمبر

زكية خطابي، الضمير الأخضر للسياسة في بلجيكا

بروكسل – إذا كانت البيئة لها إسم في المشهد السياسي في بلجيكا، فسيكون من دون شك زكية خطابي. ففي سن ال 42، تقود هذه البلجيكية من أصل مغربي أهم حزب سياسي للخضر في البلاد. فالرئيسة المشتركة لحزب (إيكولو) تعد المرأة الوحيدة التي انتخبت على رأس حزب سياسي في بلجيكا الفرونكفونية. ولم يكن لزكية التي صوتت لصالح (إيكولو) وهي في سن الثامنة عشرة تحلم يوما بولوج السياسة وأن تصبح رئيسة حزب. فقد كان حلمها آن ذاك هو ” تغيير العالم “.

” لتحقيق ذلك، هناك مجموعة من السبل، وطرق مختلفة. وأن تكون على رأس حزب سياسي وبالتالي منخرط في هذا العمل تعد إحدى هذه الطرق ” تقول زكية خطابي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء.

لم تكن تتوقع هذه الناشطة، ذات المسار الأكاديمي والعلمي، أن تتولى يوما هذا المنصب السياسي الرفيع، على الأقل قبل أن تقتنع بأن ” للنضال حدوده، وأنه يجب الانتقال إلى مرحلة أخرى لإحداث التغيير “.

وتجد زكية خطابي ذاتها في القيم التي يحملها حزب (إيكولو). وعلى رأس هذه القيم، تحرر الأفراد واستقلاليتهم، ” بشكل مستقل عن نمط إنتاجهم واستهلاكهم “، والتي تعد من بين القضايا الأساسية في أعين هذا الوجه النسائي البارز للإيكولوجيين البلجيكيين.

وتوضح زكية بأن ” هذه هي الإيكولوجيا السياسية. الجميع يظن أننا نهتم بالرهان البيئي عندما نتحدث عن الإيكولوجيين، أما أنا فأضيف هذا البعد التحرري “.

فكما كان الحال عند أول تصويت لها، وعندما قررت الانخراط في العمل السياسي، بدى حمل ألوان حزب الخضر بالنسبة لهذه المهاجرة المنحدرة من وسط شعبي أمرا حقيقيا. هذا الرصيد كان من الممكن أن يقودها إلى اعتناق الفكر الاشتراكي، لكنها لم تكن مقتنعة بأنها ستجد ذاتها هناك. ” صحيح أن الاشتراكية قدمت الكثير للطبقات الشعبية، غير أنه بالنسبة لي فإن ذلك لم يكن كافيا. كنت أبحث عن مشروع سياسي يساعد على التحرر. من المهم أن تقدم الحماية، لكن ذلك ليس كافيا” تقول زكية خطابي “.

فضمان ” استقلالية وكرامة الأشخاص ” كان في صلب انخراطها داخل هذا الحزب الذي تترأسه إلى جانب باتريك دوبريي.

وتعي زكية خطابي بسرعة مسارها الذي قادها في 2015 إلى أحد أكبر المناصب السياسية في بلجيكا. فقد انتخبت هذه البلجيكية من اصل مغربي لأول مرة كعضو بمجلس الشيوخ (رئيسة فريق) من 2009 إلى 2014 وهو التاريخ الذي قامت فيه بتغيير مقعدها بمجلس الشيوخ إلى آخر لا يقل أهمية بغرفة النواب، والذي لم تستمر فيه لأكثر من سنة واحدة حيث كان عليها الاستقالة بعدما انتخبت على رأس (إيكولو) بالنظر إلى أن القانون الداخلي للحزب لا يسمح بالجمع بين الولايتين.

وعلى الرغم من أن نجمها سطع بشكل مثير في الحياة السياسية البلجيكية، فإن زكية خطابي تفضل أن تقدم نفسها ك”امرأة منخرطة ” وليس ك”امرأة سياسية “. السبب ؟ هو أن “ممارسة السياسة، مع الأسف، ينظر إليها حاليا بشكل سلبي في حين أننا ننسى أن الأمر يتعلق بالتزام قبل كل شيء “.

وبالرغم من أن هذا الأمر لا ينطبق على زكية خطابي، إلا أنها تعتبر أن صفة امرأة لا زال على العموم يشكل حاجزا لولوج مناصب المسؤولية في بلجيكا، وهي صعوبة تمكن حزبها من تجاوزها على المستوى الداخلي من خلال منح لشخصين، رجل وامرأة، رئاسته المشتركة ” لتجنب أولا تركيز السلطات وأيضا لضمان المناصفة في تدبير هذه السلطات “.

وبالنسبة إليها، وعلى العكس من ذلك، فإن كونها امرأة ساعدها في النقاش العمومي، حيث جعل منها وجها بارزا يحظى باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام، بالنظر إلى قلة القياديات النافذات في المشهد السياسي البلجيكي، مما أعطى امتيازا ورؤية أكثر وضوحا ليس لزكية فقط بل لحزبها أيضا.

وتعرب زكية خطابي بحماس كبير عن افتخارها لكونها الناطقة باسم الحزب وتجسد نموذجا للمرأة المنحدرة من الهجرة التي نجحت في ولوج أحد أسمى المناصب السياسية في بلجيكا. ” سأظل حريصة على أن تتخذ بناتي وجوها كقدوات في جميع المجالات “.

طريق زكية خطابي لم يكن مفروشا بالورود، حيث كان أكبر عائق أمامها هو عدم نشأتها في عائلة سياسية. تقول في هذا الصدد ” لم تكن لدي شبكات في الوسط السياسي. كان علي نسج علاقاتي وأنا في قلب هذا الوسط. لكن في نفس الوقت كان ذلك يفسح لي مجالات أرحب للحركة، وبالتالي حولت مما كان يشكل لي عائقا إلى مصدر قوة “.

وتضيف زكية أن كونها منحدرة من الهجرة فإن ذلك شكل بالنسبة إليها عنصرا إيجابيا. ففي سياق يسوده الانغلاق على الذات، فإن الآخر لا يخيفها، ليست لدي أية مشكلة في التعايش مع جميع المجموعات “.

وكرئيسة لحزب يهتم بقضايا “عامة”، تستبعد زكية خطابي أن تجد نفسها محاصرة بأسئلة متعلقة بازدواجية انتمائها. ولمن يشكك في ذلك، يكفيها تذكيرهم بمسارها الأكاديمي الغني الموجه نحو البحث العلمي. فقبل ولوجها عالم السياسة، اشتغلت زكية مديرة برامج بالسياسة العلمية الفدرالية، حيث كانت تشتغل على تقييم السياسات العمومية ودمقرطة التعليم العالي. ولكونها مدافعة عن قضايا المرأة، فهي تهتم أيضا بمواضيع المساواة ومحاربة التمييز.

وعندما تتحدث عن علاقتها ببلدها الأصلي، تشير إلى ” علاقة وجدانية ” ظلت لحد الآن في الوسط العائلي، الخاص “. وتقول زكية إنها تزور المغرب بشكل منتظم، معربة عن رغبتها في ربط اتصالات بجمعيات أو شبكات لنساء مغربيات للعمل معا في مجال المشاركة السياسية للمرأة حيث لديها مشاريع في هذا الاتجاه.

وحول ما إذا كانت مقتنعة بمسارها،تؤكد زكية أنها” فخورة بمسار أبويها ” الذين جعلوا منها امرأة ناجحة اليوم “.

اقرأ أيضا