رواد / قياديونعزيز منان .. عندما تلتقي الهندسة المعمارية الفعالة مع تثمين الموروث الثقافي واحترام البيئة

رواد / قياديون

12 يناير

عزيز منان .. عندما تلتقي الهندسة المعمارية الفعالة مع تثمين الموروث الثقافي واحترام البيئة

الرباط – يسعى عزيز منان، المهندس المعماري المغربي الذي يمتهن الهندسة منذ 1999، إلى التوفيق بين رغبة ونظرة الزبون، وتثمين الرأسمال الثقافي للمدينة ولموروثها، مع احترام القيم البيئية والقواعد التنظيمية، وإيلاء أهمية وفعالية كبرى للمباني، وهي بمثابة تحديات يواجهها في كل مشروع يقوم به.

وقال السيد منان، في حديث خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، بمناسبة اليوم الوطني للهندسة المعمارية الذي يصادف 14 يناير من كل سنة، “إنني أفضل مصطلح المهندس المعماري على مصطلح المقاول العام”، موضحا أن إنشاء عمل لا يجب أن يكون، بأي حال من الأحوال، الشاغل الرئيسي لمهندس معماري، بل إن الأمر الأساسي يتجلى في التأكد من تشييد مبنى يشعر فيه مستخدموه بالراحة، ويستمد قيمته من تأثيره على المواطنين وعلى المجال الجغرافي.

وتلقى عزيز منان، الذي رأى النور بمدينة الرباط، تعليمه الأولي بمدرسة عمومية، قبل أن يلتحق بالثانوية التقنية بذات المدينة، حيث حصل على في سنة 1988 على شهادة الباكلوريا في الهندسة المعمارية، ثم التحق بعدها بمدرسة تكوين التقنيين المتخصصين بالدار البيضاء، حيث حصل بعد عامين من الدراسة على دبلوم التقني العالي.

وبعد ثلاث سنوات من العمل كتقني في مكاتب الهندسة المعمارية في الرباط والدار البيضاء، قاده شغفه لهذه المهنة ورغبته في استكشاف آفاق جديدة إلى الانتقال إلى بروكسل في عام 1992 حيث تابع دراسته لمدة بلغت سبع سنوات، منها خمس سنوات مكنته من الحصول على ديبلوم في الهندسة المعمارية وسنتين حصل فيهما على ديبلوم آخر في التخطيط الحضري من االجامعة الحرة ببروكسيل.

“فخور” بمهنته، أوضح عاشق الهندسة المعمارية أنه افتتح مكتبه ببروكسيل حيث اشتغل لمدة عامين، قبل أن يتلقى دعوة لم تكن مخططة من بلاده، خلال عطلته في المغرب مع زوجته رفقة مشغله وأستاذه القديم، الذي سبق أن شجعه على مواصلة دراسته.

“لقد تم منحي شهرين لحزم حقيبتي والعودة إلى المغرب” ، يقول السيد منان الذي اشتغل لحساب أستاذه السابق لمدة عامين تقريبا، حيث التقى بالرجل الذي أصبح الآن شريكه.

وأضاف أن الأمر استغرق ستة أشهر فقط من التعاون لكي يستطيع المهندسين فتح مكتبهم بالرباط، ومن ثم إنشاء أول شركة هندسة معمارية بالمغرب، حيث أن كل المهندسين المعماريين كانوا آنذاك يشتغلون بشكل مستقل، ومفهوم المقاولة على الرغم من انتشاره في الخارج، لم يكن حاضرا بالمملكة.

وبطبيعة الحال، أن يصبح مهندسا معماريا كان الحلم الذي يراوده منذ نعومة أظافره، وهوشغف ورثه السيد منان عن والده الذي كان يعمل في قطاع البناء، فبالنسبة للأب، الذي كان أبا لطفلين، فقد كان توجيه ابنه نحو وظيفة المهندس المعماري “خيارا سهلا وواضحا”.

ويعتقد السيد منان، الذي يحرص على ارتياح مستخدمي مبانيه ورضاهم، أن المشاريع الكبيرة لا تقتصر على حجم المباني، أو المساحة التي تشغلها، أو تكلفتها المالية أو الوقت الذي استغرقه تشييدها، بل بالأحرى على الاستعمال والشعور الذي تولده لدى الأشخاص الذين يتوافدون عليها.

والمدرسة المشيدة بشكل هندسي جيد حيث يدرس الأطفال بسعادة، أو الوحدة الصناعية التي لا ليست مخصصة فقط لإنتاج السلع، بل توفر مناصب شغل ليد عاملة مهمة وتقدم خدمة للمجتمع، هي أمثلة للنتائج التي يفخر بها السيد منان، وتشجعه في مشاريعه المستقبلية وتريحه أيضا في اختيار وظيفته التي يعتز بها كثيرا.

أن يعمل لحساب مهندس معماري آخر قبل أن يحلق عاليا ليخلق لنفسه مقاولته الخاصة، هو الشيء الذي لم يندم عليه قط هذا المهندس المعماري الذي تكلف مكتبه بتهييء مدينة الشرافات الخضراء، حيث أن هذا المسار أتاح له العمل على مشاريع مختلفة بالإضافة إلى التكيف مع الواقع المغربي.

وبشدة ينصح هذا الرجل جميع المهندسين المعماريين الشباب المستقبليين بالجمع بين التكوين والتدريب والعمل في مكاتب الهندسة المعمارية قبل البدء في مغامرة الممارسة الفردية.

واختتم عزيز منان، الذي يشتغل مكتبه على أوراش صناعية وعقارية كبرى، حديثه بعاطفية، مبرزا أن “كل مشروع، كان كبيرا أو صغيرا، يعد مولودا معماريا، يتغذى ثم ينمو ليعهد به إلى زبون يأخذه إلى الحضانة”.

 

(سكينة بنمحمود)

اقرأ أيضا