الغابات المغربية، تنوع بيولوجي غني يتعين المحافظة عليه وتثمينه
عمر عاشي
أكادير- شكل احتضان مدينة أكادير خلال الأسبوع الجاري لأشغال الدورة الخامسة ل”أسبوع الغابات المتوسطية”، والذي يعرف مشاركة ممثلين عن حوالي 20 بلدا، فرصة بالنسبة للمغرب للتعريف بالتنوع الكبير الذي يزخر به مجاله الغابوي سواء بالنسبة للأصناف النباتية أو الحيوانية، مع ما يقتضيه ذلك من ضرورة الاستمرار في العمل المتواصل من أجل الحفاظ على هذا الموروث الوطني وتثمينه.
وحسب المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، فلا يوجد هناك بلد بإمكانه تقديم مشهد متنوع من الناحية البيئية في رقعة جغرافية محدودة، حيث تتواجد المناطق الباردة إلى جانب فضاءات المناخ الجاف والصحراوي، ثم مناطق الثلوج في الجبال التي يتجاوز علو بعضها 4 آلاف متر، فضلا عن المجالات الرطبة.
ويحتل الرصيد المغربي من التنوع الإحيائي الرتبة الثانية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، بعد منطقة الأناضول التركية، مع معدل توطن إجمالي يصل 20 في المائة.
وتشكل الغابة عنصرا أساسيا ضمن الثروة الإيكولوجية المغربية على اعتبار أنها تحتضن ثلثي الأصناف النباتية، إلى جانب ثلث الأصناف الحيوانية.
فمن منظور الجغرافيا والمناخ والإيكولوجيا، يعتبر المغرب أحد البلدان التي تتمتع بأصالة ثرائها البيولوجي، والبيوجغرافي، حيث تمتد التشكيلات الغابوية المغربية على مساحة تصل تقريبا إلى 9 ملايين و 37 ألف و 714 هكتارا. وتمتاز هذه المجالات الغابوية بثراء وتنوع أصنافها النباتية التي تتميز أيضا بكونها قابلة للاستعمال في الأغراض الطبية والعطرية.
وتعتبر المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر أن الموارد الطبيعية التي يتوفر عليها المغرب ، حتى وإن كانت ذات جودة عالية ، فإنها تعاني من الهشاشة ، كما أنها غير محمية بما فيه الكفاية ، ومن ثم فإن المندوبية السامية جعلت من موضوع حماية الأوساط الطبيعية رهانا حاسما.
فالمغرب مطالب بمواجهة ظاهرة التصحر التي أصبحت بفعل التغيرات المناخية على الصعيد الكوني، الخصم الرئيسي للجهود المبذولة من أجل حماية الموروث الطبيعي.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أن 93 في المائة من التراب الوطني مهددة بالتصحر وفقا للمعطيات الصادرة عن المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر.
ويصل معدل التشجير نسبة 8 في المائة، ويتفاوت هذا المعدل بين منطقة وأخرى، حيث يبلغ نسبة 42 في المائة في الريف ، و22 في المائة في الأطلس المتوسط ، و 3 في المائة فقط في المناطق الجنوبية.
ومن أجل تثمين الموروث الغابوي الوطني ، فإن المغرب أطلق منذ عقود نظاما للفضاءات المحمية ، والذي يضم نظما إحيائية فريدة ، وممثلة للتنوع البيولوجي للبلاد.
فمن سنة 1942 حتى 2006 ، ثم خلق تسع منتزهات وطنية وهي توبقال (1942)، وتازكا (1950)، وسوس ماسة (1991)، وإيريكي ( 1994)، وتلسمتان (2004)، و إفران (2004)، والأطلس الكبير الشرقي (2004)، والحسيمة (2004)، واخنيفيس (2006)، حيث تصل المساحة الاجمالية لهذه المنتزهات إلى 606 آلاف من الهكتارات.
وقد حدد المخطط المديري للفضاءات المحمية الذي وضع سنة 1996 ما مجموعه 154 موقعا ذات قيمة بيولوجية وإيكولوجية، وهي تمثل تقريبا مجموع النظم الاحيائية الطبيعية في المغرب، حيث اقترح المخطط تصنيف مجموعة من هذه الفضاءات كمنتزهات وطنية.
وعلاوة على شبكة المنتزهات الوطنية، فإن المغرب يمتلك ثلاث محميات للمحيط الحيوي تجمع بين الاستغلال المستدام لثرواتها من جهة، وحماية التنوع الإحيائي الخاص بهذه المحميات من جهة ثانية.
ويتعلق الأمر بالمحمية الحيوية للمحيط الحيوي للأركان ، والمحمية الحيوية للواحات في الجنوب المغربي، والمحمية الحيوية القارية للمتوسط ، ومن المنتظر تسمية محمية حيوية رابعة وهي محمية الأرز في الأطلس المتوسط.
وعلى المستوى الاقتصادي، فإن القطاع الغابوي يدر دخلا سنويا بقيمة مالية تصل إلى حوالي 7 مليارات درهم، من دون احتساب الخدمات البيئية التي تبقى لحد الآن غير خاضعة للتقييم ، لفائدة الساكنة المنتفعة من هذه الفضاءات ، والتي تمثل حوالي نصف الساكنة القروية المغربية.
ويوفر القطاع الغابوي ما بين 8 إلى 10 ملايين يوم عمل في السنة ، أي ما يعادل 50 ألف منصب شغل دائم. كما يساهم بنسبة 30 في المائة من حاجيات الخشب الموجه للأغراض الصناعية (600 ألف متر مكعب سنويا) ، ويضمن 18 في المائة من الحصيلة الطاقية الوطنية ، و 17 في المائة من حاجيات كلأ قطيع الماشية.
وتقدر مساهمة الثروة الغابوية في الاقتصاد الوطني بنسبة 1 في المائة من الناتج الداخلي الوطني الخام.
وتحتوي الغابات المغربية على ثروة غنية في مجالين الحيواني والنباتي ، حيث تم تحديد حوالي 40 من النظم الاحيائية الأرضية التي تحتوي على أزيد من 4 آلاف صنف نباتي، و حوالي 550 صنف من الفقريات، وحوالي ألف صنف من اللافقريات.
ومن أجل التعرف بصفة شمولية على الموروث الغابوي ، فقد تم إنجاز أول مؤلف تعريفي ما بين 1990 و 2005، تم من خلاله جرد الموروث الوطني الغابوي، وهو ما سمح للمندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر بالتوفر على أرضية للمعلومات الخرائطية والرقمية تمكن من حصر الوضعية العامة للموارد الغابوية.
وتتكون الغابات المغربية من أصناف مختلفة من الاشجار والنباتات من ضمنها على الخصوص شجر البلوط بمختلف أصنافه، والأركان ، والخروب ، والفلين ، والصنوبر الحلبي والبري ، والأكاسيا، وغيرها من الاشجار، منها ما يتأقلم مع الجو البارد كما هو الحال في الجبال والمرتفعات، ومنها ما يقاوم حرارة المناخ كما هو الحال بالنسبة للأركان وغيره من الأشجار التي تنمو في المناطق الجافة وشبة الجافة، علاوة على الانتشار الواسع لشجر النخيل في الواحات جنوب المملكة.