أخبارالبرنامج الاستثماري الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط.. حوار مع سعيد كمرة، الخبير الاستشاري في تدبير…

أخبار

16 ديسمبر

البرنامج الاستثماري الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط.. حوار مع سعيد كمرة، الخبير الاستشاري في تدبير الطاقة

الدار البيضاء  – خص الخبير الاستشاري في تدبير الطاقة، سعيد كمرة، وكالة المغرب العربي للأنباء بحوار حول البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ودينامية الانتقال نحو الطاقات الخضراء والاقتصاد الخالي من الكربون.

وأكد الخبير في تدبير الطاقة أن تفرد هذا البرنامج الاستثماري يكمن في التوفر على واحدة من أكثر الطاقات الخضراء تنافسية، وبأقل تكلفة تحليل كهربائي.

– 1/ ما قراءتكم للبرنامج الاستثماري الأخضر الجديد لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (2023-2027)؟

يشكل البرنامج الاستثماري الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط استجابة للتعليمات الملكية المتعلقة بتعزيز الهيدروجين الأخضر، من خلال تفعيل خارطة طريق الهيدروجين المغربية، ووضع إطار تنظيمي ومخطط للبنيات التحتية التي يجب أن تدعم هذه المشاريع.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أن المغرب مصنف ضمن البلدان التي تمتلك أفضل الإمكانيات المناخية في العالم: الرياح والشمس في آن واحد لإنتاج الهيدروجين بأقل تكلفة ممكنة، ولاسيما على مستوى سواحلنا الجنوبية.

ومن خلال هذا الدعم الملكي، تتاح للمغرب كل الفرص للنجاح في إنتاج الهيدروجين لاحتياجاته الخاصة، وكذا لأجل التصدير.

ولإعطاء فكرة حول أهمية مشروع المكتب الشريف للفوسفاط، فإن هذا المشروع سيتمتع بطاقة متجددة قدرها 5 جيغاواط.

وهذا يمثل 20 في المئة أكثر من الطاقة المتجددة في المغرب (4 جيغاواط) وأقل بقليل من نصف الطاقة المنشأة في المغرب بالكامل (11 جيغاواط). وهذا لإعطاء فكرة عن أهمية هذا المشروع، الذي يقاس بوحدة المليار دولار.

أيضا، تفرد هذا المشروع لا يكمن في حجمه المالي، بل في تصوره.

– 2/ المغرب ملتزم جدا بخفض بصمته الكربونية، ما هي مؤهلات هذا البرنامج لتحقيق ذلك؟

المكتب الشريف للفوسفاط يلبي العديد من حاجياته بفضل الطاقات المتجددة ويسعى إلى الحياد الكربوني قبل سنة 2040.

وسيتم تخصيص القسط الأكبر من هذه الطاقة المتجددة البالغة 3.8 جيغاواط لإنتاج الأمونياك الأخضر، مع هدف إنتاج 3 ملايين طن سنويا، مما يعني تلبية احتياجات المكتب، والتحصين ضد مخاطر التوريد وبالتالي إمكانية إنتاج الأمونياك بتكلفة أقل، على أساس إنتاج الكهرباء الخضراء في مناطقنا الجنوبية بأقل من 2 سنت للكيلوواط/ساعة.

والأهم هو أن المكتب يمكنه إنتاج الأسمدة بتكلفة تنافسية للغاية، وخصوصا الأسمدة ذات البصمة الكربونية الجد منخفضة، والتي ستضع المغرب في طليعة السوق العالمية للأسمدة الخضراء.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن التحليل الكهربائي عنصر أساسي في هذا الإنتاج. إنها عملية جد مستهلكة للكهرباء، فنحن نتحدث عن 52 إلى 56 كيلوواط/ساعة لكل كيلوغرام من الهيدروجين.

وتمثل الكهرباء حوالي 60 في المئة من التكلفة، أما الـ40 في المئة المتبقية فتتعلق باستهلاك المحلل الكهربائي.

لذلك قرر المكتب إدماج تصنيع المحللات الكهربائية، بغية خفض التكاليف، على الأرجح، إلى أقل من 0.5 مليون دولار لكل ميغاواط.

وبالتالي، فإن تفرد مشروع المكتب الشريف للفوسفاط يكمن في التوفر على واحدة من أكثر الطاقات الخضراء تنافسية، وبأقل تكاليف التحليل الكهربائي. وبإمكاننا أن نطمح إلى كلفة إنتاج للهيدروجين تقل عن 1.5 دولار للكيلوغرام.

وينبغي مراعاة تصميم مشروع المكتب متعدد الأبعاد، بحيث ستمكن محطات تحلية المياه من تعزيز المشاريع الفلاحية المجاورة، وسيتم إحداث أكثر من 25000 وظيفة، مع دمج النسيج الصناعي وإمكانية تصنيع الشفرات والصواري، ولما لا بعض مكونات توربينات الرياح.

لأجل ذلك أشيد بقوة بمصممي هذا المشروع الذي سيشكل قاطرة حقيقية للانتقال الطاقي في بلادنا.

– 3 كيف ستمكن هذه الاستراتيجية الجديدة من تعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر وقدرات الطاقات المتجددة؟

الجواب متضمن في التعليمات الملكية الأخيرة المتعلقة بإنتاج الهيدروجين الأخضر في بلادنا، وهي تحديد الإطار التنظيمي والبنيات التحتية التي ستمكن من تنفيذ هذه المشاريع بشكل جيد.

فمع السياق الطاقي العالمي المضطرب للغاية، والزيادة الكبيرة في أسعار الغاز الطبيعي، ستعمل أوروبا والعديد من البلدان الأخرى على تسريع الاستثمارات للحصول على طاقة تنافسية، وقبل كل شيء خالية من الكربون.

ويمكن أن تبرز مشاريع الهيدروجين على شكل حصص هيدروجين يتم تخصيصها لكل مطور وطني أو دولي.

وستتطلب عدة آلاف من الهكتارات حول مدينة الداخلة، التي ستصبح عاصمة الهيدروجين بامتياز.

وستكون الخطوة الأولى هي تحديد الأراضي من أجل تجنب المشاريع المشتتة. ويمكن إنشاء أكثر من ثلاثين مشروعا في مناطقنا الجنوبية التي تستفيد من أشعة الشمس التي تزيد عن 2200 كيلوواط ساعة لكل متر مربع في السنة، وسرعة رياح تبلغ 11 مترا في الثانية.

ويمكن تشكيل عرض الهيدروجين المغربي على شكل حصص لاستقبال المشاريع، مع صيغة استغلال جد واضحة.

ويمكننا أن نطمح لإنتاج يفوق 50 مليون طن من الهيدروجين سنويا، أي ما يعادل 9 في المئة من الحاجيات العالمية في 2050.

كما يمكن لأنبوب غاز يزيد طوله عن 2300 كلم، ربط ميناء مستقبلي بالكركرات بمدينة طنجة لتزويد محطاتنا الكهربائية التي توقفت عن استخدام الفحم، وصناعاتنا، والتصدير على شكل غاز إلى أوروبا، وعلى شكل سائل انطلاقا من الكركرات.

هذا النموذج من البنيات التحتية يبدو الأكثر ملاءمة وأمانا، والأفضل تنظيما.

-4 في معادلة الاستثمار الأخضر، يجب أخذ العديد من الجوانب في الاعتبار من أجل إحداث بيئة أعمال مواتية. فماذا عن الإطار القانوني؟

علاوة على الجوانب التقنية والأمنية والعقارية، يتعين على الإطار القانوني أن يحدد بشكل واضح حصص الإنتاج التي تعود للمغرب.

وإذا اعتمدنا قانون التنقيب عن النفط كمعيار موازي، فستكون حصص المغرب 20 في المئة، بالإضافة إلى 7 في المئة من حقوق العبور على مستوى الحوامل وأنبوب الغاز، أي 27 في المئة أو 13.5 مليون طن سنويا، وهو ما يكفي لإزالة الكربون عن محطات الكهرباء المشتغلة بالفحم بحلول عام 2035/2040.

وكخلاصة، نفهم بشكل أفضل الربط الذي قام به جلالة الملك بين مخططات البنية التحتية والمخطط التنظيمي. الاثنان مرتبطان ببعضهما البعض. وعلينا ألا ننسى أن المغرب بات يتوفر على ميثاق استثمار ممتاز يمنح الامتياز للطاقات المتجددة.

المسألة أيضا مسألة إنشاء مختبر للمحاكاة والقياسات المعتمدة لسرعات الرياح وأشعة الشمس من أجل تسهيل المهمة على المستثمرين.

-5 كيف تنظرون إلى دينامية الانتقال نحو الطاقات الخضراء والاقتصاد منخفض الكربون؟ وما هي برأيكم العوامل المحددة لاستثمار وتعزيز الطاقات المتجددة بالمغرب؟

هذا السؤال يعيدنا إلى نقطة انطلاق الانتقال الطاقي بالمغرب.

ففي سنة 2009، حدد جلالة الملك محاور تطوير الانتقال الطاقي المغربي، وهي النجاعة الطاقية كأولوية، والطاقات المتجددة مع مزيج كهربائي مستقبلي لا يستثني أي طاقة متجددة بما في ذلك الطاقة النووية.

وتجدر الإشارة باعتزاز إلى أن خلاصات خبراء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ في شهر مارس 2022، هي نفسها خلاصات مخطط الانتقال الذي أطلقه جلالة الملك في سنة 2009.

وإذا كنا نتوفر على حصيلة للطاقة المتجددة تقدر بـ20 في المئة من المزيج الكهربائي، فليست لدينا حصيلة للنجاعة الطاقية. فقد كان المغرب خطط لخفض استهلاكه بنسبة 12 في المئة بين عامي 2010 و2020، أي ما يمثل 8 ملايير درهم سنويا من التوفير… وهو ما عجزنا عن تحقيقه.

يحتاج قطاعا النجاعة الطاقية والطاقات المتجددة إلى إعادة تنشيط حقيقية، بغية بلوغ الأهداف المحددة.

وبالتالي سيتم تطوير الطاقات المتجددة بواسطة المشاريع الكبرى ذات الجهد العالي، بما يحمي مصالح موزعي الجهدين المتوسط والمنخفض.

ويظل الإطار التنظيمي هو العائق الرئيسي أمام تطوير الطاقات المتجددة. إذ يمكن إزالة الكربون بنسبة 100 في المئة لدى عدد كبير من المستهلكين من خلال تطبيق مخطط الانتقال الذي أطلقه جلالة الملك: نجاعة طاقية، وطاقات متجددة ضمن الموقع وخارج الموقع، والتي يمكن أن تكمل نسبة الـ100 في المئة.

وهو ما يعني، أنه سيتعين علينا وضع المؤشر على المسافة الصحيحة بين المستهلكين والموزعين من أجل تعزيز الإطار التنظيمي الذي يسير القطاع.

 

اقرأ أيضا