خمسة أسئلة لمحمد أمزيان، رئيس الجمعية المغربية للمنظريين
طنجة – في حديث مع وكالة المغرب العربي للانباء وقناتها الإخبارية M24، يتحدث رئيس الجمعية المغربية للمنظريين، محمد أمزيان، عن مهنة المهندس المنظري ومهامه ذات الصلة بتهيئة وتصميم الفضاء العام، وتحديات التغيرات المناخية على جمالية المدن والساحات والحدائق والمنتزهات، ودور الجمعية في تأطير وتنظيم المهنة والتعريف بها.
1 – ما هي مهنة المهندس المنظري ، وما هي مهامه؟
اشتق اسم المهندس المنظري من المنظر (Paysage بالفرنسية أو Landscape بالإنجليزية)، وهو يختص بشكل عام في تهيئة الفضاءات العامة الخارجية من خلال وضع تصاميمها ومخططاتها، وكذا تتبع أشغال إنجازها والسهر على احترام المعايير التقنية أثناء مختلف مراحل الإنجاز.
يتعلق الأمر بتهيئة الساحات العمومية والشوارع ومداخل المدن والحدائق والمنتزهات العامة وفضاءات اللعب والملاعب الرياضية غير المبنية والكورنيشات والمنتزهات الغابوية الحضرية وشبه الحضرية، وحماية وتثمين المواقع والمناظر الطبيعية ذات الأهمية، كالسواحل ومصبات الأنهار وضفافها والبحيرات والمناطق الرطبة، والكثبان الساحلية والمواقع الجيولوجية، وتهيئة المواقع الأثرية، والتعريف بالموروث الثقافي اللامادي من خلال المشاريع المنجزة، وإعادة تأهيل المواقع المتضررة، كالمطارح العمومية والمقالع وغيرها.
في المغرب، يتم تكوين المهندسين المنظريين بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة.
2 – كيف يساهم المهندس المنظري في تأهيل المجال الترابي من خلال تهيئة الفضاءات العامة؟
دور المهندس المنظري مهم جدا في تأهيل المجال الترابي ، نظرا لتدخله على عدة مستويات، بداية من مرحلة التخطيط المجالي الاستراتيجي، وذلك عن طريق مساهمته في إعداد مخططات اعداد التراب كتصاميم التهيئة والمخططات المديرية لإعداد التراب والميثاق المنظري والمعماري. و المهندس المنظر يشتغل بعدد من الإدارات العمومية ذات الصلة بالمجال، كقطاعات الإسكان والتعمير و الوكالات الحضرية بمختلف المدن المغربية.
كما يتدخل المهندس المنظري أثناء مرحلة تنزيل المخططات، من خلال إنجاز الدراسات وتصميم الفضاءات العامة لفائدة أصحاب المشاريع من الإدارات العمومية والجماعات الترابية والسهر على احترام المعايير التقنية في المشاريع المنجزة، بالإضافة الى دوره الكبير في تخطيط الفضاءات الخارجية لمشاريع التجزئات السكنية والإنعاش العقاري والسياحي، وهو دور تقوم به مكاتب الدراسات المختصة في التهيئة المنظرية، والتي تعد مكونا أساسيا في قطاع البناء والأشغال العمومية.
أما ما يميز عمل المهندس المنظري عن باقي المهن الهندسية، فهو الاستباقية في التخطيط لمرحلة ما بعد الإنجاز من خلال مخططات الصيانة واعتماد معايير الاستدامة في الفضاءات العمومية والمحافظة على الموارد، سواء تعلق الامر بالمكون النباتي أو بالأثاث الحضري أو بالمسالك والممرات.
3 – التغيرات المناخية أصبحت واقعا يفرض إكراهات جديدة، كيف يعزز المهندس المنظري مرونة المجالات الترابية؟
التغيرات المناخية أصبحت واقعا نعيشه بشكل يومي، وما يتحدث عنه العالم اليوم، هو كيفية التخفيف من أثار هذه التغيرات والرفع من مرونة الفضاءات العامة في مواجهة هذه التحديات، المتمثلة أساسا في الانخفاض الحاد في كمية التساقطات المطرية، والارتفاع المتزايد لدرجات الحرارة، وتزايد حدة الظواهر المناخية المتطرفة.
المغرب ولله الحمد، بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، كان من أوائل الدول التي تبنت الاستدامة في نموذجها التنموي، والمهندس المنظري يوجد في صلب هذا التوجه من خلال ممارسته اليومية لتهيئة الفضاء العام.
انخراطنا في التخفيف من التغيرات المناخية يتمثل أولا في مواجهة أزمة النقص الحاد في الموارد المائية، حيث يعمل المهندس المنظري على ترشيد وعقلنة استعمال المياه في سقي الفضاءات الخضراء، بدءا من خلال اختيار الأنواع النباتية المتأقلمة مع المناخ المحلي ثم عبر تحديد نوعية التربة، وهو ما يساهم في اقتصاد نسبة مهمة من مياه السقي، قد تصل إلى 90 في المائة.
كما يعمل المهندس المنظري، من خلال تصاميم مبتكرة للفضاءات الخضراء، على تعبئة مياه الأمطار لإعادة استعمالها في سقي المساحات الخضراء، بطريقة مباشرة تساهم في الحد من أخطار الفيضانات، عدا العمل على استعمال المياه المعالجة في السقي.
ويعد الحد من ارتفاع درجة الحرارة التحدي الثاني الذي نواجهه، إذ يعتبر إشكالية كبيرة، لاسيما في المدن، حيث تتفاقم وتتزايد ما نسميها ببؤر الاحترار (Iots de chaleur) بسبب المباني وإسفلت الطرقات والتي قد تزيد درجة لتبلغ أحيانا 60 درجة مئوية، هنا يكون تدخل المهندس المنظري حاسما من خلال سياسة تشجير مناسبة تمكن من خفض درجات الحرارة الى مستويات اعتيادية ، التشجير ذاته قد يساهم في خفض تلوث الهواء والتخلص من الأتربة العالقة في الهواء.
ويشكل العمل على تقوية التنوع البيولوجي في الفضاءات العمومية والتحسيس بضرورة الحفاظ على الأنواع النباتية التحدي الثالث الذي نشتغل عليه، وهنا أود أن أنوه إلى أن سؤال الاستدامة يعتبر من صلب العمل اليومي للمهندس المنظري، وذلك نظرا لارتباطه الوثيق بمجال اشتغاله وأتحدث هنا عن تهيئة الفضاءات العامة والمجالات الترابية.
4 – كيف تعمل الجمعية المغربية للمنظريين على الارتقاء والتعريف بالمهنة بالمغرب ؟
تعتمد الجمعية مقاربة شمولية ترتكز على عدة محاور للاشتغال، حيث مكن التشخيص الذي تم إنجازه بشكل تشاركي بالاعتماد على أدوات ومؤشرات علمية، مكن من تحديد محاور الاشتغال ذات الأولوية.
وأهم محور تم الاشتغال عليه هو الرفع من مستوى المعايير التقنية للقطاع من أجل تقوية قدرات المهندسين المنظريين على التأقلم مع التحديات التي تطرحها التغيرات المناخية، ومواكبة التقدم التقني والتكنولوجي الذي يعرفه القطاع، والهدف هو بالأساس تهيئة فضاءات عامة تستجيب لانتظارات وتطلعات المواطنين.
وهذه المعيرة تتم بتشاور وتنسيق مستمر بين مكونات الجمعية ومختلف الفاعلين المؤسساتيين من أجل مواكبة هذا التطور بنصوص تنظيمية تسمح بالممارسة السليمة للمهنة.
كما تم كذلك العمل على تقوية التواصل مع القطاعات الوزارية المعنية والجماعات الترابية والمنظمات غير الحكومية الشريكة بهدف التعريف أكثر بالأدوار التي يضطلع بها المهندس المنظري، ومساهمته المهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتخفيف من أثار التغيرات المناخية.
من جهة أخرى ، تشتغل الجمعية على تطوير مجموعة من الشراكات مع فاعلين مؤسساتيين بهدف إضفاء الطابع العملي على عمل الجمعية و تنزيل المقترحات المتعلقة بممارسة المهنة وتحسين مستوى الفضاءات العامة على شكل مشاريع على أرض الواقع، من أجل تحسين واقع عيش المواطن.
5 – بعد بعث نفس جديد في الجمعية من خلال انتخاب المكتب المسير في الجمع العام المنعقد في ماي الماضي، ما هو برنامج عمل الجمعية للفترة الانتدابية الحالية ؟
بعد الجمع العام الأخير الذي تم خلال شهر ماي، وضع المكتب المسير للجمعية برنامج عمل يضم مجموعة من الإجراءات والأهداف التي تتوزع على أربعة محاور، يتمثل الأول في الاشتغال على جانب التكوين وتقوية قدرات المهندسين المنظريين من أجل الرقي بمستوى عملهم ومستوى المشاريع التي يقدمونها، أما المحور الثاني فيهم الجانب التنظيمي والتشريعي من خلال العمل على تطوير الترسانة القانونية المنظمة لعمل المهندس المنظري، لاسيما وضع معايير تقنية تمكن المهندسين من بلوغ الهدف الأسمى المنشود، المتمثل في خدمة المواطن وتوفير فضاء يليق بتطلعات المواطن المغربي.
أما المحور الثالث فيتعلق بالتعريف بالمهنة عبر التواصل وإعداد الدلائل والمنشورات التي ستوضع رهن إشارة مختلف الفاعلين والشركاء في المجال، بينما يتعلق المحور الرابع والأخير بتعزيز الشراكات والمشاركة في التظاهرات عبر بلورة شراكات ومشاريع تعاون مع الفاعلين في المجال، وتعزيز التواصل مع مختلف وسائل الإعلام والتواصل المؤسساتي.
هذه هي رؤية المكتب الحالي، إذ أن لكل محور من المحاور الأربعة أهداف وبرنامج عمل مفصل لتحقيقها خلال الفترة الانتدابية للمكتب الحالي والتي تمتد على 3 سنوات.