كوب 23 أمام رهان التعجيل بالإجراءات ورفع سقف الطموحات
(فاطمة تيمجردين)
بون – مع بداية العد التنازلي لتنظيم مؤتمر كوب 23 في مدينة بون الالمانية (6-17 نونبر الجاري) ، يظل التعجيل بالإجراءات ورفع سقف الطموحات أبرز تحدي يواجهه حوالي 196 وفدا مشاركا، لبلوغ أهداف اتفاق باريس حول المناخ.
فعلى مدى أسبوعين، سيسعى المشاركون الى وضع دليل قواعد سيتم اعتماده في كوب 24 المقبلة في بولندا، ويتعلق الامر باستراتيجية عالمية طويلة المدى للتصدي للتغيرات المناخية.
وعلى الرغم من أن اتفاق باريس حدد هدف الابقاء على ارتفاع حرارة الارض في درجتين مئويتين، فقد حذر العلماء من أنه يرجح بنسبة 95 في المائة أن يتجاوز متوسط درجة حرارة الارض هذه العتبة بحلول نهاية القرن.
وبحسب خبراء في المناخ، فان السنوات الثلاث المقبلة تعد حاسمة للتصدي للتغيرات المناخية، مبرزين انه اذا ما زادت انبعاثات غازات الدفيئة او ظلت مستقرة بحلول 2020، فانه سيكون من الصعب تحقيق أهداف كوب 21، وبالتالي فان الحل الوحيد هو العمل على تقليص الانبعاثات في غضون السنوات الثلاث المقبلة.
ويتطلب إحراز تقدم في تحقيق هذه الاهداف، معالجة عدد من القضايا الرئيسية المثيرة للجدل أو الخلافية و المتمثلة بالاساس في دور الولايات المتحدة بعد الاعلان عن عزمها الانسحاب من اتفاق باريس، وانعدام الطموح في الاهداف القريبة الاجل (ما قبل 2020) والرفع من سقف طموح مساهمات البلدان في العمل العالمي للتصدي لآثار تغير المناخ، وتقديم الدعم للبلدان النامية.
فبخصوص دور الولايات المتحدة، فإن إعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب عن عزم بلاده الانسحاب من اتفاق باريس سيلقي بظلاله على أشغال قمة المناخ حيث يثير التشكيك في دورها في محادثات الامم المتحدة حول المناخ ، وفي الهيئات ذات الصلة مثل صندوق المناخ الأخضر.
وبالنسبة لاهداف ما قبل 2020، فهناك حاجة الى التعجيل بالاجراءات بهذا الخصوص، إذ ان مبادرات البلدان تظل ضئيلة، لانها قامت خلال السنوات الأخيرة، بالتركيز على بناء اتفاق باريس، وهي استراتيجية طويلة الأمد ، بدلا من اتخاذ إجراءات فورية.
وحتى مع اتخاذ إجراءات موسعة على المدى القريب، يجب على البلدان أن تسد فجوة الطموح المقلقة، إذ من المرجح أن تؤدي “المساهمات المحددة وطنيا ” إلى درجة حرارة تزيد على 3 درجات مئوية، مع خطر ارتفاعها أكثر.
وقد أتاح اتفاق باريس آلية للتعزيز المستمر للتعهدات بطريقة منصفة تتمثل في “الحوار التسهيلي” لعام 2018 الذي ينتظر ان يتم تنقيحه في بون.
وترى البلدان النامية على أن الطريقة الوحيدة التي يمكن للحوار التسهيلي أن يعمل بها هي إذا ما قام بتقييم تعهدات البلدان على أساس الإنصاف وفي ضوء الدعم الذي تم تقديمه للوفاء بالتعهدات.
وسيساهم في اثارة النقاش ، الذي من المنتظر أن يكون ساخنا، تقرير جديد يتضمن توصيات بشأن الحوار التسهيلي، من اعداد ائتلاف من منظمات المجتمع المدني والتي قامت بدراسة التعهدات التي تقدمت بها بعض البلدان الرئيسية وترى بأن أهداف اتفاق باريس لا يمكن تحقيقها إلا إذا تحملت جميع البلدان نصيبها بشكل منصف من المجهود العالمي.
وعلى الرغم من أن مؤتمر الأطراف تستضيفه بون، من الناحية التقنية، فان فيجي تترأسه ، وهي أول دولة في المحيط الهادئ تقوم بذلك، ولهذا يأمل المجتمع المدني وكثير من البلدان النامية أن تتم اثارة قضايا مثل الخسائر والأضرار والنزوح الناجم عن التغيرات المناخية.
وبخصوص موضوع تقديم الدعم ، فان المسائل المتعلقة بتنفيذ البلدان المتقدمة لالتزاماتها بتوفير التمويل والتكنولوجيا والقدرات، تتخذ بالضرورة بعدا اكثر استعجالا.
ومن المنتظر، ان تطالب البلدان النامية من البلدان المتقدمة في مؤتمر بون، بلورة خطتها لتعبئة ما لا يقل عن 100 بليون دولار سنويا بحلول عام 2020، والتماس ضمانات بزيادة الدعم على الأمد الطويل بعد عام 2025.
وقد تلقى صندوق المناخ الأخضر حتى الآن تعهدات بمبلغ 10.3 بلايين دولار، وهو مبلغ ضئيل مقابل تريليونات الدولارات، التي ستكلف البلدان النامية للوفاء بتعهداتها.
ومع عدم كفاية التمويلات الأخرى مثل صندوق التكيف الذي يعاني من نقص في الموارد ، فإن البلدان النامية غير قادرة على تنفيذ حصتها من اتفاق باريس ويتعين عليها تحويل الموارد نحو جهود التكيف. ولذلك فإنهم سيعملون على إحراز تقدم في هذه المسألة كأولوية.
وأعلنت الأمم المتحدة أن غازات الاحتباس الحراري تمضي صوب تجاوز المستوى المطلوب لإبقاء درجة حرارة الأرض في نطاق الهدف المتفق عليه عالمياً بحلول عام 2030 وذلك بنحو 30 في المئة.
وأفاد برنامج الأمم المتحدة للبيئة بمناسبة إصداره مؤخرا لاحصائه السنوي حول خفض الانبعاثات “سيكون متوسط الزيادة المحتملة في درجة حرارة الأرض في نطاق بين 3 و3.2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن”.
ورجح البرنامج أن تتراوح الانبعاثات السنوية بحلول عام 2030 بين 53 و55.5 بليون طن من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون وهو ما يتجاوز بكثير السقف الضروري لتفادي زيادة درجة الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين خلال القرن الحالي وهو 42 بليون طن.
ونبهت الأمم المتحدة الى إن كميات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي زادت بمعدل قياسي في 2016 إلى مستوى لم تشهده الأرض منذ ملايين السنين وهو ما قد يسبب ارتفاع منسوب مياه البحر بمقدار 20 متراً ويرفع حرارة العالم ثلاث درجات.
وكانت وزيرة البيئة الالمانية باربرا هندريكس أكدت أن آلية الاستعراض الدوري للمساهمات المحددة وطنيا من أجل تقليص انبعاثات غازات الدفيئة التي أدرجت في اتفاق باريس حول المناخ، تروم تحفيز الدول على رفع طموحاتها تدريجيا وكذا الجهود المبذولة، مشيرة الى أن الاستعراض الأول سيتم تنفيذه العام المقبل.
وأضافت أن التحدي المطروح الان يتمثل في إعداد مراجعة أولى لهذه المساهمات، مشيرة الى أن هذه الاخيرة مجتمعة اخفقت حتى الان في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في ابقاء درجة ارتفاع حرارة الارض ،أقل من درجتين مئويتين بحلول نهاية القرن.
يشار الى أن مؤتمر كوب 22 الذي احتضنته مدينة مراكش ، تحت الرئاسة المغربية، أطلق زخما كبيرا وساهم في حشد تعبئة عالمية غير مسبوقة على طريق تحقيق هدف اتفاق باريس المتمثل في الابقاء على متوسط درجة حرارة الأرض في 2 درجة مئوية .
وسيسلم المغرب الشعلة لدولة فيجي الجزرية لتكون بذلك أول دولة صغيرة تتولى رئاسة المؤتمر وهي من بين الجزر المهددة بالغرق نتيجة تأثير الاحتباس الحراري على الأرض.
وقالت مفاوضة فيجي نزهت شميم خان “نريد أن ننقل إلى مؤتمر بون الطابع الملح (للمشكلة) كوننا نعيش في المحيط الهادئ ونختبر تأثيرات المناخ على تفاصيل حياتنا اليومية”.
وستعرف قمة كوب 23 مشاركة 25 ألف مؤتمر، من بينهم ممثلون عن أزيد من 500 منظمة غير حكومية، وبمواكبة أزيد من 1000 صحفي.
وستنظم هذه التظاهرة العالمية من خلال اقامة منطقتين هما “منطقة بولا” “(مرحبا بكم في فيدجي) التي ستخصص فقط للمفاوضات بين الاطراف و”منطقة بون” التي ستحتضن التظاهرات الحكومية والمتعلقة بالرئاسة واللقاءات الرفيعة المستوى.