كوب 23 : زورق تقليدي من فيجي ينقل رسالة الوحدة والصمود أمام التغيرات المناخية
(فاطمة تيمجردين)
بون – يسارع المؤتمرون ب”منطقة بولا” التي تحتضن المفاوضات الرسمية لمؤتمر كوب 23 المنعقد حاليا ببون، الخطى لرفع تحدي التغيرات المناخية ، لكن لابد وأن تستوقفهم عند مدخل مركز المؤتمرات حيث تتوالى الاجتماعات، جمالية وأصالة ورمزية زورق تقليدي من دولة فيجي، رئيسة المؤتمر، والتي لم تجد أبلغ منه لنقل رسالة الوحدة والصمود إلى العالم في مواجهة التغيرات المناخية.
لقد اختارت دولة فيجي هذا الزورق المعروف ب (دروا) رمزا لرئاستها للدلالة على أن العالم بأسره يوجد على ظهر نفس القارب في مواجهة الرياح العاتية للتغيرات المناخية، وأن لا أحد يحظى بالحصانة ضد انعكاساتها الجسيمة مما يحتم على الجميع التحرك باستعجال.
وتعهد هذا البلد الجزري الصغير على لسان وزيره الاول فرانك باينيماراما، الذي تسلم رئاسة الكوب من سلفه السيد صلاح الدين مزوار،رئيس كوب 22، بالمساهمة في تشكيل تحالف كبير لاتخاذ إجراءات حاسمة ومتسقة من قبل الحكومات على جميع المستويات وكذلك من جانب المجتمع المدني والقطاع الخاص وجميع مواطني العالم ، منبها الى انه “حيثما نعيش، نحن جميعا عرضة للخطر وعلينا التحرك”.
ولهذا السبب، يضيف المسؤول الفيجي “عرضنا عند مدخل مركز المؤتمرات قاربا فيجيا يبحر في أعالي البحار لتذكير العالم بالحاجة الى رفع الشراع مع إرادة مشتركة في انجاح مؤتمر كوب 23 ومواجهة أكبر تحد تواجهه البشرية على الإطلاق “.
لقد بعثت الكوارث الطبيعية التي اجتاحت هذا العام عدة انحاء في العالم والمؤشرات المقلقة لدراسات وابحاث علمية ، انذارا بتزايد حرارة الارض بسبب انبعاثات غازات الدفيئة، لكن رمزية القارب الفيجي كانت رسالتها واضحة مفادها أنه “عندما نمخر عباب البحر معا على ظهر قاربنا التقليدي، فإننا نرفع تحدي الاعتماد على الوقود الاحفوري، ونشعر بالفخر والاعتزاز بمهارتنا التقليدية وأصالتنا”.
وتم صنع هذا الزورق الذي يحمل اسم “أدي ييتا” والبالغ طوله 8 أمتار في فيجي منذ ثلاث سنوات ، من الخشب الصلب الاستوائي بدون استخدام أي معدن وتم تجميع اجزائه بالكامل بواسطة حبال ألياف جوز الهند وزين بأصداف بحرية تعتبر رموزا تستخدمها النخب في دولة فيجي لتعزيز وضعها الاجتماعي.
ونقل القارب الفيجي الى مدينة بون الالمانية بمناسبة مؤتمر كوب 23، من بريطانيا حيث كان معروضا في المتحف الوطني للبحرية البريطاني.
وبالنسبة لبنيانا لالابالافو، المنسقة الرئيسية الفيجية لرئاسة مؤتمر كوب 23، فان الامر يتعلق ب “لحظة جد مؤثرة “، مبرزة أن القارب يربط الثقافة والتقاليد الفيجية بالمفاوضات الدولية بشأن التغيرات المناخية.
وأبرزت أنه يرمز أيضا إلى حقيقة أن دولة فيجي ستكون الرائدة في إيجاد الحلول وإعطاء دفعة لتسريع العمل من أجل المناخ مضيفة انه “عندما يتعلق الأمر بالتغيرات المناخية، فان (دروا) يستحضر أيضا حقيقة أننا جميعا على ظهر نفس القارب”.
ويرى نيك نوتال، المتحدث باسم مؤتمر كوب 23 ومدير التواصل بالامم المتحدة حول التغيرات المناخية أن هذا الزورق يشكل مثال رائعا على المهارة الفيجية ومقاومة الثقافة العريقة في المحيط الهادئ للآثار الوخيمة للتغيرات المناخية.
وأكد أن دولة فيجي بوصفها دولة جزرية، تعاني بالفعل من آثار التغيرات المناخية، مثل ارتفاع منسوب مياه البحر وظهور أقوى الاعاصير، وبالتالي فان ضمان التنفيذ الكامل لاتفاق باريس التي تعد المهمة الرئيسية لمؤتمر بون، سيكون حاسما لبقاء الارخبيل نفسه.
وفي رأي المسؤول الاممي، فان هناك حاجة ماسة إلى تسريع العمل في مؤتمر كوب 23 ، معتبرا انه خطوة حاسمة على المسار الذي لا رجعة فيه ألا وهو مستقبل تكون فيه انبعاثات غاز الكربون منخفضة، والذي يجب أن نواصل السير عليه معا بشكل أبعد و أسرع.
وبالنسبة لمونيكا هوريش، المتحدثة باسم مدينة بون، فان هذا الزورق يجسد هشاشة دولة جزرية مثل أرخبيل فيجي، والتعرض المتزايد لآثار تغيرات المناخية من قبل جزر المحيط الهادئ، التي لا تزال بالنسبة للعديد من الاشخاص في بون وجهة يحلمون بزيارتها .
والى جانب رمزية القارب الفيجي ، ستطبع الرئاسة الفيجية مفاوضات المناخ من خلال إدخال مفهوم “تالانوا” ذي الاصل الفيجي ، في المباحثات. ويتعلق الامر بحوار شمولي وتشاركي وشفاف يزرع إحساسا بالتعاطف ويؤدي إلى اتخاذ القرارات من أجل الصالح العام، والذي سيتم السير على نهجه في عام 2018.
وتعد فيجي أول دولة جزرية صغيرة تتولى رئاسة مؤتمر المناخ، مما يشكل فرصة لاسماع صوت حوالي أربعين جزيرة أو أرخبيلا في المحيط الهادئ مهددة في وجودها بسبب التغيرات المناخية بالرغم من انها ليست مسؤولة الا عن النزر القليل من انبعاثات غازات الدفيئة.
وكانت جزر فيجي تعرضت سنة 2016 لاخطر اعصار في التاريخ دفع السلطات الى اعلان وضع كارثة طبيعية استمر لمدة شهر.
ودق باحثون استراليون ناقوس الخطر بشأن المخاطر في جزر سليمان، في المحيط الهادئ ، مشيرين الى أن خمس جزر قد اختفت بالفعل بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، بالرغم من ان عشرات الدول الجزرية الصغيرة النامية لا تصدر سوى 1 في المائة من انبعاثات غازات الدفيئة.
ومن المتوقع أن يسفر مؤتمر كوب 23 الذي يحضره حوالي 25 الف مشارك، عن مبادرات مبتكرة من بينها مبادرة للأمم المتحدة حول الصحة والجزر الصغيرة وأرضية لدعم المشاركة مع المجتمعات المحلية والشعوب الأصلية وخطة عمل واسعة النطاق للمساواة بين الجنسين.