جهاتالمواطن والبيئة.. هل يكفي ردع السلوكيات السلبية لحماية الوسط البيئي؟

جهات

30 يونيو

المواطن والبيئة.. هل يكفي ردع السلوكيات السلبية لحماية الوسط البيئي؟

— إعداد: التهامي العم —

الرباط – إذا كانت التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية والإقليمية المرتبطة بحماية المنظومة البيئة تهدف إلى وضع خطط للتنمية المستدامة وتعزيز التناغم بين الاقتصاد والبيئة، فإن السلوكيات السلبية للأفراد تجاه الوسط البيئي تتنافى في أحيان كثيرة مع مقتضيات هذه المعاهدات والمواثيق، ومن ثم فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل يكفي ردع السلوكيات السلبية للأفراد من أجل حماية هذا الوسط المشترك والعيش فيه بكل اطمئنان؟.

لا شك أن كل واحد منا انزعج يوما من سلوكيات سلبية لأشخاص تجاه الوسط البيئي، بالرغم من أن البعض قد يجد لنفسه عذرا أو مبررا لسلوكه، لكن هذا لا يغير من حقيقة مفادها أنها سلوكيات غير سوية، سواء مارسناها أو أصابنا الأذى من ممارستها، ويبقى احترام حق الآخرين والخجل من التسبب بالأذى لهم قيما نحتاجها في ممارساتنا اليومية.

وفي هذا الإطار، يتحدث ج. عبد الله، حول ما عاينه من ممارسات سلبية بأحد المنتزهات الطبيعية، قائلا في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء “في مكان مخصص للنزهة والمشي، بهذه المنطقة التي تتميز بنظافتها وحسن ترتيبها، عاينت شابا يزيد  عمره عن ثلاثين سنة، قام بعد أن انتهى من تناول وجبة سريعة برمي مخلفاته، قاذفا إياها بقدمه على الرغم من وجود سلة للقمامة بجانبه، والتي كان يمكن له أن يتوقف عندها ويضع فيها ما كان بيديه”.

من جانبه، قال أحمد. س في تصريح مماثل “يقوم عدد لا يستهان به من السائقين بسلوكيات غير لائقة أثناء قيادة سياراتهم، كرمي مخلفات الأكل بالطريق السيار أو بشوارع وأزقة المدن والقرى دون الاكتراث للآخرين”.

ويضيف أحمد قائلا “إن رمي النفايات أو القاذورات عبر نافذة السيارة سلوك غير حضاري، له تأثير سلبي على الذوق العام وجمالية المدن، ويعود ذلك إلى الثقافة العامة التي يجب أن يتحلى بها الناس، ولا بد من تكاثف جميع الجهات المعنية للقضاء على هذه الظاهرة غير الحضارية وإيجاد حلول مناسبة لها”.

وفي هذا السياق، يؤكد الدكتور جواد مبروكي، الطبيب والخبير في التحليل النفسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن رمي السجائر وقنينات الماء والمشروبات الغازية من السيارات وفي الشوارع والأماكن العامة، وترك الحدائق والشواطئ في قمة القذارة، بعد التنزه فيها والاستمتاع بها – ظاهرة نعاينها يوميا في مختلف الأماكن- سلوك يدل على أنانية مفرطة، وخلل في التربية الأخلاقية والاجتماعية، وعدم تقدير للحياة والمجتمع، ومس صارخ بحقوق الآخرين وحفظ حقهم في بيئة نظيفة.

وهكذا، فإن ظاهرة رمي النفايات والسجائر وبقايا الطعام وغيرها تعد – حسب الأخصائي- دليلا على قلة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة وعلى الصحة العامة، مؤكدا أنه من المفترض أن يحاسب كل شخص نفسه على تصرفه.

وأبرز الخبير في التحليل النفسي أن شیوع العدوانیة وضعف الرقابة الذاتیة یدفع المرء إلى التعامل مع البیئة بصورة سیئة وعدوانیة، مشيرا إلى أنه یتشكل للمسيء إلى البيئة اتجاه سلبي نحوها وینعكس ذلك على شعوره بالسعادة والدافعیة للإنجاز.

وأضاف الدكتور أنه يتعين إعطاء الأولوية في جميع المراحل التعلیمیة لمجال الإدراك والفهم البیئي، وما یتعلق به من مكونات شتى كالاتجاهات والقیم وغيرها..، مسجلا أن “القضایا والإشكالات البیئیة، هي قضایا سلوكیة في حقیقتها، ترجع إلى الأنماط السلوكیة الخاطئة، والتي تعزى إلى الافتقار للمعارف والتوجهات البیئیة السلیمة لدى الإنسان، حتى صار مصدرا للكثیر من المشاكل البیئیة الملحة في عالم الیوم، وأن إيجاد حلول للمشاكل البیئیة یرتبط بالإنسان أكثر من ارتباطه بالبیئة”.

يشار إلى أن المملكة نجحت، بشهادة هيئات وفعاليات دولية، في تنظيم أكبر تظاهرة عالمية في تاريخ مؤتمرات الأمم حول تغير المناخ، وأبانت عن خبرة رائدة في مجال المناخ والتنمية المستدامة، مما سيمكنها لا محالة، من المضي قدما في تفعيل خارطة الطريق التي رسمتها لمواجهة تحديات التغيرات المناخية، لاسيما ما يتعلق بتعبئة التمويلات الضرورية، وتطوير القدرات المؤسساتية والبشرية، ووضع وبلورة مشاريع مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية.

وتتجلى جهود المغرب في مجال حماية المناخ على الصعيد الدولي، من خلال التزامه الوثيق في إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ وتطلعاتها لمواجهة الآثار المترتبة عن ذلك، إلى جانب المبادرات النوعية في مجال الحفاظ على البيئة، وذلك عبر مخططات وإجراءات شملت عدة قطاعات تتعلق أساسا بالفلاحة والماء والنفايات والغابات والطاقة والصناعة والسكن.

والأكيد أن حماية المنظومة البيئية والحفاظ على الوسط الذي نعيش فيه نظيفا وسليما من كل مظهر غير لائق، يتطلب تحلي جميع المواطنين بالحس المدني وبروح المسؤولية التي تجعل من الشارع والحديقة والمنتزه بيتا ثانيا لكل فرد.

اقرأ أيضا