أحداثالمغرب.. التزام متعدد الأوجه لفائدة المناخ

أحداث

11 نوفمبر

المغرب.. التزام متعدد الأوجه لفائدة المناخ

(من مبعوث الوكالة: محمد أشرف الأعرج)

باكو – في عالم يعاني من التداعيات الوخيمة للتغير المناخي، تشهد المنظومات البيئية، التي توجد في وضع حرج للغاية، تدهورا غير مسبوق وسط دعوات متواصلة لإعادة النظر في الأنشطة البشرية.

ومن غير المستغرب أن مؤشرات هذا التدهور لم يسبق أن كانت على هذه الدرجة من الحدة. فالارتفاع الاستثنائي في درجات الحرارة، وذوبان الجليد، والعواصف الكارثية وتآكل التنوع البيولوجي.. كلها تداعيات تنبئ بالكثير عن مصير كوكب يعاني من ويلات أزمة المناخ.

ومن منطق الوعي بالخطورة الملحة للتحديات التي تفرضها هذه الظاهرة، التزم المغرب على درب التحول الإيكولوجي الطموح، الذي يزاوج بين التنمية الاقتصادية والمسؤولية البيئية.

وفي مواجهة واقع إيكولوجي يطبعه الجفاف، وندرة الموارد المائية والوتيرة المتصاعدة لموجات الحر، اختارت المملكة تحويل هذه التحديات إلى فرص.

وعلاوة على دستور 2011 الذي يقر آليات حكامة ديموقراطية، تعد شرطا للتنمية المستدامة، أضحى المغرب يمتلك ترسانة قانونية قوية تحدد الإطار التنظيمي الشامل الذي ينبغي ان تندرج ضمنه السياسات العمومية في هذا المجال.

ومن خلال التوجه نحو الطاقات المستدامة، يطمح المغرب ليس فقط إلى ضمان استقلاليته الطاقية، ولكن أيضا التموقع كنموذج إقليمي في مجال الاستدامة. حيث تعد محطة “نور” للطاقة الشمسية بورززات تجسيدا ملموسا لرؤية براغماتية وطموحة.

وينطبق الأمر نفسه على مصادر الطاقة النظيفة الأخرى، حيث يعول المغرب، أيضا، على تطوير محطات توليد الطاقة الريحية، على غرار محطة طرفاية، الأكبر في القارة الإفريقية، بقدرة إنتاجية تبلغ 300 ميغاواط. وقد مكنت هذه المقاربة المملكة من تعزيز حضور الطاقات المتجددة ضمن مزيجها الطاقي، وتقليل اعتمادها على الوقود الأحفوري.

وعلى نحو ملموس، وبناء على الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي، يهدف المغرب إلى بلوغ 52 في المائة من المزيج الطاقي من مصادر متجددة بحلول سنة 2030 وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 45,5 في المائة.

وينضاف إلى ذلك التدبير المستدام للموارد المائية، الفلاحة المنيعة وحماية المناطق الساحلية، التي يعتزم المغرب من خلالها حماية بيئته مع تعزيز سيادته الغذائية والطاقية.

وهكذا، فإن المملكة تولي اهتماما خاصا للحفاظ على المنظومات البيئية الهشة من خلال تدابير تهم إعادة التشجير وإدارة مستجمعات المياه، بهدف مكافحة تآكل التربة والتصحر.

وتعتبر الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي تمت المصادقة عليها خلال مجلس الوزراء المنعقد في 25 يونيو 2017 تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمثابة خارطة طريق مرجعية تروم تعزيز مجموع السياسات العمومية في مجال التنمية المستدامة وتفعيل أسس الاقتصاد الأخضر والشامل بحلول سنة 2030.

وفي هذا السياق، يعمل المغرب، بالخصوص، على تعزيز حكامة التنمية المستدامة، والانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، وتحسين تدبير الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي.

وفي ما يتعلق بجودة الهواء، تم إعداد البرنامج الوطني للهواء للفترة 2018-2030، بهدف تعزيز المبادرات التي تم إطلاقها لمنع وخفض الانبعاثات الجوية من المصادر الثابتة والمتحركة.

من جهة أخرى، تعززت المبادرات المنفذة من طرف المملكة بهدف مكافحة تغير المناخ، من خلال إطلاق استراتيجية الجيل الأخضر 2020-2030، التي تسطر الطريق لفلاحة أكثر كفاءة، استدامة ومرونة.

وترتكز هذه الرؤية الجديدة، التي تأتي بعد مخطط المغرب الأخضر، الذي تم إطلاقه سنة 2008، على ركيزتين أساسيتين، هما العنصر البشري واستدامة التنمية الفلاحية، وذلك بهدف مواجهة تغير المناخ.

وعلى الصعيد الدولي، أثبت المغرب نفسه كفاعل محوري. وفي ظل هذه الدينامية، نظمت المملكة سنة 2016 بمراكش قمة المناخ “كوب 22″، التي تميزت بسلسلة من الالتزامات المتعلقة بتنفيذ اتفاقية باريس، وتوجت باعتماد إعلان مراكش للعمل من أجل المناخ والتنمية المستدامة.

وشكل “كوب 22” منعطفا حاسما في الدبلوماسية المناخية للمملكة. وفي الواقع، فإن هذا التميز يؤشر على التزام المغرب الراسخ ودوره كمحفز في تنفيذ الاتفاقيات الدولية.

وبالنظر إلى التزام المغرب طويل الأمد، فقد وقع على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سنة 1992، وصادق عليها سنة 1995 واستضاف الدورة السابعة لمؤتمر الأطراف “كوب 7” سنة 2001، والتي مكنت من تفعيل بروتوكول كيوتو.

ويشكل مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب-29)، المنعقد خلال الفترة ما بين 11 و22 نونبر في باكو بأذربيجان، فرصة مثالية لمضاعفة الإجراءات الكفيلة بالتصدي للتهديدات المتسارعة المرتبطة بتغير المناخ.

ويضم هذا الحدث العالمي مسؤولين حكوميين، وخبراء، وممثلي المجتمع المدني، من أجل اقتراح حلول ملموسة تواكب التغيرات المناخية.

ويشكل المؤتمر، أيضا، لحظة محورية للدول التي ستقدم مخططات عملها الوطنية للمناخ في إطار اتفاقية باريس، بهدف الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1,5 درجة مئوية، والحد من الآثار على المنظومات البيئية وتعزيز أهداف التنمية المستدامة.

اقرأ أيضا