أخباراعتماد معايير جديدة تقوم على الاقتصاد الأخضر ضروري لاستئناف الإنتاج ما بعد كوفيد-19

أخبار

17 مايو

اعتماد معايير جديدة تقوم على الاقتصاد الأخضر ضروري لاستئناف الإنتاج ما بعد كوفيد-19

(أجرى الحديث.. نور الدين حزمي)

الدار البيضاء – اعتبرت عضو الإتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة السيدة سمية بلقسح أن استئناف الإنتاج والتصنيع بعد تجاوز الأزمة الصحية الناتجة عن انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) ينبغي أن يتم وفق معايير جديدة تركز على مبادئ الاقتصاد الأخضر.

وأكدت بلقسح، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه من الضروري أخذ مسألة المناخ والبيئة بعين الاعتبار في عملية استئناف الإنتاج، بعد كسر شوكة جائحة كوفيد-19، موضحة أن هذا لن يتم إلا بترشيد وعقلنة استخدام مصادر الطاقة التقليدية، وتقليل إنتاج النفايات بأنواعها المختلفة، مع استخدام الطاقة المتجددة كطاقة بديلة بشكل أساسي وفعال.

وتابعت بلقسح، التي تشغل أيضا رئيسة الجمعية الوطنية لإنعاش الوظائف الخضراء، أن التقدم والنمو الاقتصادي هو طموح مشروع لابد من استمراره، لكن في إطار ضوابط جديدة تضع فلسفة المحافظة على البيئة “في قلب أنشطتنا اليومية وتطلعاتنا المستقبلية على المدى المتوسط والبعيد”.

وفي هذا السياق، قالت إن جودة الهواء بالمغرب المسجلة خلال حالة الطوارئ الصحية، تعد نتيجة محفزة للمؤسسات المختصة في مجال البيئة من أجل إعطاء انطلاقة لتقييم مفصل لجودة الهواء بعد انتهاء هذه المرحلة، بهدف الحصول على تحليل دقيق للوضعية المرجعية لتلوت الهواء ببلادنا.

وتابعت أن تسجيل معدلات انخفاض مهمة في الملوثات الهوائية كان له أثر ملحوظ على جودة الهواء بالمغرب خلال فترة حالة الطوارئ الصحية التي تم إقرارها للتصدي لهجوم ذلك العدو المجهري، الذي تمكن وبسرعة فائقة من اختبار كل إمكانيات العالم بدولها القوية والضعيفة على حد سواء، مضيفة أن هذا الفيروس كشف القناع عن الضعف والخصاص الذي تعاني منه مختلف المؤسسات الصحية عبر العالم.

وحسب السيدة بلقسح، فإن ما يعضد هذه الملاحظات الإيجابية في مجال البيئية وطنيا، هو تأكيد وزارة الطاقة والمعادن والبيئة مؤخرا أنه في ظل الحجر الصحي سجلت انخفاضات مهمة في الملوثات الهوائية، وخلف ذلك آثارا ملحوظة على جودة الهواء ببلادنا خلال هذه الفترة، نتيجة تقليص مصادر التلوث الناجم عن الانخفاض الكبير لحركة النقل البري والجوي ومجموعة من الأنشطة الصناعية.

وأشارت إلى أنه رغم كل ما يقال عن الوجه القبيح لهذا الوباء، فإن هذا لا يحجب الرؤية عن البعض في ما يخص جوانبه الإيجابية، ومنها منح العالم فرصة جديدة لتفعيل توصيات مؤتمر الخامس والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ (كوب 25) الذي عقد ما بين 2 و13 دجنبر الماضي بمدريد .

وكأن هذا الوباء، كما قالت، جاء ليملي على العالم بعض الضرورات الملحة هدفها خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، كتغيير طرق الإنتاج والتصنيع لخلق اقتصاديات قوية قادرة على الصمود أمام المخاطر الطبيعية وغيرها، ولتحقيق التنمية المستدامة لشعوب العالم بتغيير اقتصاداتها وتنويعها.

وتابعت أنه في ظل عدم الاعتناء والاهتمام بشكل ناجع بهذا الموضوع، نزل هذا الوباء وأدخل المواطنين إلى مساكنهم وأوقف جل تحركات العالم، فعطل حركات السير وأسطول الملاحة الجوية والبحرية وآليات الإنتاج وأصبح المصطلح المتداول لدى دول العالم عبر وسائل الإعلام، هو الحجر الصحي.

ولفتت إلى أن ميلاد هذه الفرصة المتعلقة بإعادة النظر في طرق الإنتاج، جاءت في وقت غاب فيه إجماع العالم على تفعيل توصيات المناخ، بل لم يعد يهتم بقضايا المناخ كأولوية وضرورة ملحة رغم ما عقده بسبب هذا الموضوع من مؤتمرات عديدة، لكن بدون نتائج تذكر وبقيت توصياتها حبرا على ورق.

فالمفارقة الغربية التي تحدث حاليا، تضيف هذه الفاعلة الجمعوية، هو “أننا أصبحنا نرى تضرر الإنسان من هذا الوباء، يسير في خط متوازي مع تماثل المناخ للشفاء، كون الجريمة البيئية الفاعل فيها والضحية هو الإنسان نفسه”.

ونبهت في هذا السياق إلى أن “التخوف كل التخوف، ما بعد كورونا وبعد رفع الحجر الصحي، هو استيقاظ العالم من سباته وشعوره بما ضاع منه، وتأسفه على ما فاته من ربح مالي واقتصادي خلال فترة الحجر .. فيعود بشكل سريع إلى تدارك ما فاته من كسب مادي، عبر اللجوء إلى طرق إنتاج مدمرة للبيئة تعيد المناخ إلى سابق عهده، المتميز بانبعاثات الغازات الدفيئة، وبذلك يتم الإجهاز كليا على هذه الفرصة التي أدى العالم ثمنها غاليا”.

ومن جهة أخرى، أشارت إلى أن هذه الجائحة أبانت عن ضعف البحث العلمي الخاص بالأمراض والأوبئة، مبرزة أنه في عصرنا هذا الذي يمتاز فيه العالم بالتقدم والازدهار في مجالات شتى، لا يعقل “أن نقف اليوم مهزومين أمام هذا الوباء، حيث لا يزال العالم لحد الآن يقاوم ويصارع بشتى الوسائل والطرق للخروج بأقل الخسائر من هذه الجائحة”.

ولاحظت أن هذا المرض لفت انتباه العالم إلى مدى إغفاله وتجاهله لأهمية البحث العلمي، في وقت اشتكت فيه منظمة الصحة العالمية من ضعفها وعجزها عن المقاومة، أمام شراسة هذا الوباء.

اقرأ أيضا