أخبار“انيرجي فينده” او الانتقال الطاقي في ألمانيا .. رهان وطني ذو بعد عالمي

أخبار

26 أكتوبر

“انيرجي فينده” او الانتقال الطاقي في ألمانيا .. رهان وطني ذو بعد عالمي

 (من مراسل الوكالة فاروق العلمي)

برلين – عندما يتم استفسار السياح الذين يزورون برلين لاول مرة عن أكثر ما يشد انتباهم وهم يتجولون لاول مرة في شوارع العاصمة الالمانية، تكون اجابتهم العدد المثير لراكبي الدراجات في المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 3.5 مليون نسمة.

ويحدث في الكثير من الاحيان، أن يجد سياح أنفسهم يسلكون بدون قصد الممرات الخاصة بالدراجات، مما يعرقل الحركة بالنسبة لراكبيها الذين تعودوا على التحرك بحرية على عدد لا يحصى من هذه الممرات في المدينة.

وتعد الدراجات في برلين انعكاسا لتقليد ألماني قديم في بلد حيث مفهوم “الاستدامة” تم التنظير له في أوائل القرن الثامن عشر، والذي يعد أحد رواد الجهود العالمية للنهوض بسياسات المناخ والطاقة من شانها ضمان تحقيق الأهداف التي سطرها اتفاق باريس حول التغيرات المناخية، كما تم التأكيد عليها مجددا في مراكش خلال كوب 22.

وقال مؤسس معهد برلين البيئي، أندرياس كريمر خلال لقاء مع المشاركين الدوليين في برنامج “ما بعد كوب 21، السياسات المناخية في افق 2050” ، الامن الطاقي والاستدامة هما توأم، ظهرا الى الوجود سنة 1713 “بفضل عمل هانز كارل فون كارلويتز”.

وبالنسبة للعديد من المراقبين، بدأ الانتقال الطاقي في ألمانيا بقرار من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بالتخلي تدريجيا عن الطاقة النووية بحلول عام 2022، وخاصة بعد الحادث الذي وقع في مارس 2011 في محطة الطاقة النووية في فوكوشيما باليابان.

لكن وكما يلاحظ كريمر، فإن المشروع المجتمعي بدأ قبل عقود من قرار حكومة ميركل موضحا ان الامر يتعلق بمسلسل طويل متجذر بعمق في التاريخ الألماني الذي أدى إلى زيادة في الطاقة المتجددة، والذي هو الآن في قلب الانتقال نحو اقتصاد خال من الكربون.

وأضاف ان هذا المسلسل يعرف على نطاق واسع ب”انيرجي فينده” الذي يعني بالالمانية “الانتقال الطاقي”.

ويرى انه إذا كانت ألمانيا لا تتأثر مباشرة بانعكسات التغيرات المناخية، فإن الحقيقة تبقى بالنسبة لكثير من الألمان، أن تعزيز السياسات المناخية الجيدة في الخارج هو في مصلحتهم.

وأشار الى أن العديد من العراقيل تحول دون تحقيق اهداف الحكومة الالمانية التي تتمثل في انتاج ما لا يقل عن 80 في المائة من الطاقة عبر الطاقات المتجددة في افق 2050 مقابل فقط 31،5 في المائة سنة 2015.

من جانبه، قال الباحث في المعهد الايكولوجي اندرياس برال، خلال زيارة الى منجم بكوتبوس قرب الحدود البولونية، في اطار البرنامج الممول من قبل وزارة الشوؤن الخارجية الالمانية، اذا كان التخلي عن الطاقة النووية لا رجعة فيه، فان التخلي عن بعض الطاقات الاحفورية يبدو صعب التحقق.

واضاف أن المانيا دائما ما يؤاخذ عليها ترددها في التخلي عن الفحم، مشيرا الى ان 40 في المائة انتاج الكهرباء في البلاد يعتمد على هذه الصناعة.

وقالت منسقة المشاريع والمتحدثة باسم التحالف المناخي البولوني في تصريح لوكالة المغرب العربي للانباء ان الرهان كبير، لان تردد المانيا في التخلي عن الفحم، يقدم نموذجا سيئا لبلدان اخرى تكافح من اجل استغلال مناجم الفحم مثل بولونيا.

ومن بين نماذج الانتقال الطاقي الاخرى، محطة للطاقة الريحية التي قبل سكان قرية “دريناو” الصغيرة احتضانها مقابل الاستفادة من حصة من الارباح التي تدرها والتي مكنتهم من تمويل العديد من المشاريع، الى جانب مشروع اطلقته الشركة المتعددة الجنسيات (دي اس ايل) والذي يروم تجهيز مرأب “دويتشه بوست” (البريد الالماني) بسيارات كهربائية من تصميم مهندسي الشركة.

ومع ذلك فان ما يبعث على التفاؤل في بلاد نهر الراين، هو كون الانتقال الطاقي يحظى بتوافق سياسي قوي وتعبئة جميع الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص. ويكتسي هذا أهمية أكبر بالنظر الى ان بلدانا متقدمة تشكك في التزاماتها التي قطعتها في باريس. وفي هذا السياق، تضطلع ألمانيا بدور حاسم، ألا وهو دور المحرك الأخضر في مكافحة آثار التغيرات المناخية.

 

اقرأ أيضا