تربية الأسماك بسد أحمد الحنصالي: مشروع يكابد ويلات كورونا وثقل سنوات الجفاف
من عبد الرزاق طريبق
خنيفرة – تجربة فريدة ومشروع اقتصادي واجتماعي ناجح لتربية الأسماك في الأقفاص العائمة تبلور منذ أربع سنوات على مستوى حقينة سد أحمد الحنصالي بجهة بني ملال خنيفرة، قبل أن ترخي بثقلها عليه تداعيات جائحة كورونا المتزامنة مع موسمين متواليين من الجفاف.
تبلور المشروع من أفكار صغيرة لدعم الساكنة المحلية المحاذية للسد التابعة لجماعات آيت إسحاق ووامانة وزاوية الشيخ في تطوير أنشطة تربية الأسماك في المياه العذبة.
وسرعان ما توسع المشروع بانخراط المندوبية السامية للمياه والغابات على الخصوص واضعة نصب أعينها أن تصبح المنطقة نموذجا متكاملا لتنمية تربية الأحياء المائية قادرة على تلبية حاجيات متنامية حددت في الوصول لهدف مرحلي من إنتاج سنوي من 3000 طن من الأسماك في سنة 2020 بقيمة مضافة من نحو 50 مليون درهم لصالح الساكنة المحلية.
ومن أجل ذلك تم تكوين مجموعة من التعاونيات المحلية استفاد منخرطوها من دورات تكوينية متنوعة في مختلف مراحل الإنتاج والتتبع والتثمين والتسويق، فيما تم تزويدها بالمعدات وبالخصوص الأقفاص العائمة والقوارب الضرورية للولوج لحقينة السد ومختلف المعدات ذات الصلة بتربية الأحياء المائية.
وعرف هذا المشروع الوليد مواكبة مستمرة من طرف الشركاء بحيث لم يترك أي شيء للصدفة.
هكذا تمت بلورة برنامج استزراع سنوي لإعادة تعمير السد بأصناف سمكية تساهم في خلق توازن إيكولوجي، وتعمل على المحافظة على صحة النظم الإيكولوجية المائية، واستمرار التنوع البيولوجي وتحسين جودة المياه عن طريق محاربة ظاهرة تخاصب المياه.
وفي ما يخص الشق المتعلق بتربية الأسماك الموجهة للتسويق فقد تم الاهتمام بالأصناق الجديدة وذات القيمة الغذائية والتي يتم تربيتها داخل الأقفاص الضخمة العائمة في حقينة السد.
وقدم دعم للتعاونيات في مجال نظم التسويق والتحكم في قنوات التوزيع من أجل تحقيق دخل أفضل وقيمة مضافة هامة والرفع من مداخيلها.
وبالموازاة مع الدعم الموجه للتعاونيات في مجال التدريب والتأهيل وتمكينها من المعدات اللازمة، وضع برنامج موازي لتطوير المنتجات السياحية والرياضية ذات الصلة والمتمثلة في إقامة مرافق للترويج السياحي وتشجيع الرياضات المائية والصيد، غير أن هذا الشق لايزال متعثرا بالنظر لإكراهات كبيرة خصوصا مشكل الجفاف الحاد الذي أثر على الموادر المائية بالسد ومحيطه الاقتصادي.
يقول نزار الريحاني رئيس الغرفة الفلاحية بخنيفرة في تصريح للمجموعة الإعلامية لوكالة المغرب العربي للأنباء إن تأثيرات الجفاف وقلة التساقطات خلال السنتين الاخيرتين جعلت حقينة السد تتراجع الى 16 في المائة في ديسمبر 2020 ما خفض مختلف التوقعات فتم التقليص بأزيد من 60 في المائة من أنشطة تربية الأسماك بفعل تراجع عمق السد وضعف البيئة المائية الضرورية لاستئناف النشاط في ظروف طبيعية.
وحذر من أن مشكل ضعف التساقطات يدق ناقوس الخطر بالنسبة لهذا القطاع الواعد، ويتعين بالتالي بلورة مشاريع إضافية لتثمين المياه والحفاظ عليها وبالخصوص بناء سدود إضافية بهذا الحوض.
وبفعل التساقطات المطرية الجيدة التي عرفها الموسم الفلاحي الحالي ارتفعت نسبة ملء السد الى 31 في المائة الى غاية 1 مارس الجاري، غير أنها ماتزال غير مواتية لاستئناف هذا النشاط بكامل طاقته.
وأعرب الريحاني عن ثقته في أن يواصل المشروع تحقيق نجاحات مع الانتعاشة الحالية في حقينة السد بفعل التساقطات الهامة في منطقة ذات موارد غنية من المياه تغذيها روافد ملوية وأم الربيع.
ويضيف إن هذه التجربة رائدة بكل المقاييس فقد تضاعفت أعداد التعاونيات، ووصلنا حاليا لأزيد من 400 أسرة تعيش على تربية الاسماك الموجهة للاستهلاك خصوصا بعض الأنواع مثل التلابيا التي تستفيد من خصائص التربة والمياه الجيدة في السد.
غير أن تأثيرات كورونا كانت كانت أيضا ذات ثقل على هذا القطاع، فزبناء هذا النوع من الأسماك من المطاعم الكبرى والفنادق وسلسلات التوزيع ظلت مغلقة وأنشطتها محدودة طيلة أشهر ما أثر على المبيعات وخفض الإنتاج بشكل كبير.
وبالنسبة لخالد بوكريس رئيس تعاونية الأطلس لتربية الأسماك بواومنة، فإن أهم أصناف الأسماك التي يتم استزراعها في الأقفاص هي التيلابيا والبلاك، وهي أسماك يتم استزراعها صغيرة للغاية ليصل وزنها بعد ثلاثة أشهر لنحو كيلغرام واحد أو يزيد يتم نقلها في ظروف صحية جيدة للأسواق الكبرى في الدار البيضاء ومراكش وفاس وغيرها من المدن.
وأكد أن هذا المشروع قضى على الصيد العشوائي للأسماك في حقينة السد، وطور نوعا اقتصاديا جيدا بالنسبة للساكنة في ثناياه مؤهلات واعدة بالنسبة للمستقبل وقيمة مضافة مالية هامة.
وأضاف أن سنة 2020 كانت سيئة للغاية بالنسبة لهذا القطاع بالنظر لإكراهات جائحة كورونا وثقل سنتين من الجفاف فالإنتاج لم يتجاوز ال 200 طن وهو رقم يعتبر الأسوء منذ انطلاق المشروع قبل أربع سنوات، غير أنه أعرب عن الأمل في عكس هذا المنحى خلال العام 2021 بما يعود بالأمل على مجموع التعاونيات ومنخرطيها.
وبالنسبة لمسؤولي قطاع المياه والغابات فإن تدعيم هذه المشاريع يكتسي عناية خاصة بالنظر لدوره البارز في مكافحة الفقر وتطوير أنشطة مدرة للدخل في المناطق القروية وخلق فرص عمل والرفع من مداخيل الساكنة وأيضا الحفاظ على التنوع البيولوجي للأحياء المائية.
ووضعت هذه المندوبية استراتيجية لعشرية 2015-2024، بهدف النهوض بقطاع الصيد وتربية الأحياء المائية، تروم زيادة إنتاج صغار الأسماك من 15 ألف إلى 50 ألف طن سنويا، والرفع من عدد صغار الأسماك المفرغة في مختلف مرافق الصيد من 14 مليون إلى 30 مليون.
ويهدف هذا المخطط إنعاش السلسلة الإنتاجية، وزيادة إنتاح الأسماك على مستوى حقينات السدود، وتنمية الصيد السياحي، وتطوير تربية الاحياء البرية واستزراعها بالمناطق القروية مع خلق فرص الشغل.