جهة بني ملال خنيفرة: بداية صعبة للموسم الفلاحي مع ندرة التساقطات وتراجع حقينة السدود
بني ملال – انطلق الموسم الفلاحي بجهة بني ملال خنيفرة في ظروف بالغة الصعوبة بالنظر لضعف التساقطات المطرية وتراجع حاد في حقينة السدود تنضاف إليها إكراهات وباء كوفيد-19 التي تلقي بثقلها على القطاع برمته في هذه المنطقة الفلاحية ذات المؤهلات الكبيرة.
فإلى غاية 15 نونبر الجاري بلغ المعدل التراكمي للتساقطات المطرية بالجهة 46 ملم، وهو رقم ضعيف للغاية خصوصا وأن شهر نونبر يشارف على الانتهاء، غير أنه يبقى معدلا يتيح إطلاق عملية الحرث ولو في ظروف صعبة على أمل أن يهطل المطر في قادم الأيام.
وفي الواقع فبعد موسمين زراعيين عرفا نقصا حادا في التساقطات المطرية، بدأ الموسم الحالي بدوره بنقص غير مسبوق، إذ تم تسجيل نقص في الأمطار بمعدل 89 في المائة بمنطقة أم الربيع العليا خلال خلال شهر سبتمبر الماضي ونقص مماثل بنحو 86 في المائة في منطقة أم الربيع الأوسط ثم نقص من 81 في المائة في حوض وادي العبيد. وتحسن الوضع قليلا خلال الأسابيع اللاحقة ليصل المعدل التراكمي منذ بداية الموسم الى غاية 15 نونبر الجاري الى 46 ملم فقط والذي يبقى بدورة دون المتوسط السنوي بأزيد من 80 في المائة.
وضع قلة التسقاطات هذا لم يؤثر فقط على الأراضي البور بالجهة، بل أيضا على الدوائر السقوية الهامة والتي أصبحت تضخع لتقنين صارم في توزيع المياه بفعل النقص في حقينة السدود.
فإلى غاية 30 سبتمبر الأخير تراجع معدل ملء سد بين الويدان ل 22 في المائة فقط في مقابل 47 في المائة خلال الفترة المماثلة العام الماضي فيما تراجع معدل ملء سد الحسن الأول الى 3ر17 في المائة وسد أحمد الحنصالي الى 6ر12 في المائة.
ويعد تناقص الموارد المائية من أكبر التحديات التي ستواجه القطاع الفلاحي على صعيد الجهة ككل وبالخصوص المنطقة السقوية التابعة لنفوذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لتادلة في حالة استمرار الظروف المناخية الصعبة الحالية.
ورغم هذا الوضع الذي يتميز بضعف التساقطات وانتشار وباء فيروس كورونا المستجد “كوفيد19″، فإن أنشطة القطاع الفلاحي لم تتوقف على صعيد جهة بني ملال خنيفرة سواء على صعيد الضيعات أو على مستوى وحدات الإنتاج، حيث ساهم استمرار هذه الأنشطة الفلاحية في تزويد السوق الداخلية بالمنتجات الفلاحية واستقرار نسبي لاثمان المنتجات الفلاحية.
هكذا اتخذ المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بجهة بني ملال خنيفرة تدابير عديدة مصاحبة تتمثل في وضع آليات لإحكام تنفيذ عملية توزيع المياه والرفع من وتيرة المراقبة لضمان حماية المغروسات التي تعتبر من الأولويات والعمل قدر الإمكان على إنجاح عملية الزرع لبعض المزروعات الإستراتيجية (الشمندر السكري وتكثير الحبوب).
ويقول آحساين رحاوي، مدير المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، إن تدابير عديدة قد اتخذت تهدف إلى خلق الظروف الملائمة لإنجاح الموسم الفلاحي مع الأمل في تحسين الظروف المناخية.
ويضيف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أن هذه التدابير تتمثل بالنسبة لسلسلة إنتاج الشمندر السكري في فتح نقط توزيع عوامل الإنتاج على المنتجين بالمراكز الفلاحية ومراكز الاستشارة الفلاحية ابتداء من شهر شتنبر.
ومن التدابير المتخذة، أيضا، تحديد المساحة المبرمجة حسب الكمية المائية التي ستمنح لدائرة بني موسى والدائرة السقوية لبني عمير، والتزام المنتجين الموجودين بشبكة الري الكبير لضمان مواصلة سقي ملكياتهم الزراعية بواسطة وسائلهم الخاصة في حالة تسجيل خصاص أو انقطاع في مياه السقي السطحية.
وبالنسبة لتقدم سير عملية زرع الشمندر السكري، أوضح أنه تم إلى غاية 17 نونبر الجاري توزيع عوامل الإنتاج على مساحة 9000 هكتار وزرع مساحة تقدر بحوالي 8000 هكتار من الشمندر السكري.
أما بخصوص سلسلة انتاج الحبوب الخريفية فقد جرى فتح 44 نقطة لبيع البذور المختارة والأسمدة بمراكز التنمية الفلاحية ومراكز الاستشارة الفلاحية من خلال تخصيص 150.000 قنطار من البذور المختارة لجهة بني ملال خنيفرة.
كما جرى تحديد أثمنة بيع البذور المختارة حسب الأصناف بالنسبة للموسم الفلاحي 2020/2021 مع مواصلة دعمها، حيث تم دعم القنطار من القمح الصلب بـ200 درهم وقنطار القمح الطري بـ175 درهما وقنطار الشعير بـ325 درهما.
وأشار آحساين رحاوي إلى أنه بالرغم من الظروف المناخية الصعبة التي ميزت سنة 2020 والوضع الصحي الخاص الذي فرضه وباء كوفيد 19، فإن إنتاج بعض السلاسل الإنتاجية التي دخلت في مرحلة الجني ستعرف إنتاجا جيدا حسب التوقعات الأولية، إذ من المتوقع أن يرتفع إنتاج الحوامض بنسبة 30 في المائة بالنسبة للموسم الفلاحي 2020/2021 مقارنة مع الموسم الفارط بإنتاج إجمالي يصل إلى ما يقارب 500.000 طن؛ وذلك راجع إلى تأثير درجات الحرارة المعتدلة نسبيا التي تزامنت مع فترات الإزهار و تكوين الفاكهة.
وأضاف أنه من المتوقع، أيضا، أن يرتفع إنتاج الزيتون بنسبة 25 في المائة خلال الموسم الفلاحي 2020/2021 مقارنة مع الموسم الماضي بإنتاج 250.000 طن؛ وذلك راجع لعوامل عديدة، أهمها هطول الأمطار خلال شهري أبريل وماي والتي كان لها الأثر الإيجابي على نمو و تطور الفاكهة.
وينتظر وفق التوقعات نفسها أن يعرف إنتاج الرمان ارتفاعا نسبيا ليصل إلى 53.000 طن، وكذلك جودة في المنتوج نظرا لاستفادة هذه الزراعة من دورات مائية منتظمة خلال الموسم الفلاحي .2019/2020
ومن أجل ضمان تزويد طبيعي للأسواق المحلية لأجل تلبية حاجيات الاستهلاك، سيعمل المكتب الجهوي لتادلة على وضع برنامج للخضروات الخريفية مع الأخذ بعين الاعتبار الموفورات المائية والظروف المناخية المتغيرة لفصل الخريف.
وبدوره يواصل قطاع الحليب بالجهة نموه مساهما بخلق أكثر من 3.5 مليون يوم عمل في المزارع، ووحدات تجميع الحليب وإنتاجه، بالإضافة إلى المساعدة في خلق قيمة مضافة هامة بتحقيقه لرقم معاملات يتجاوز 1.4 مليار درهم سنويا.
ويعتبر قطاع الحليب من أهم القطاعات بالجهة، بإنتاجية تفوق 425 مليون لتر سنويا أو 16 في المائة من الإنتاج الوطني من هذه المادة.
من جانبه صرح سعيد نور الزين أحد الملاكين بالفقيه بنصالح أنه على الرغم من هذه الظروف الصعبة من حيث ضعف التساقطات وانتشار وباء كوفيد-19 فإن الاستغلاليات الزراعية الكبيرة التي تستعمل التقنيات العصرية خصوصا نظام الري بالتنقيط لم تتأثر كثيرا وحافظت على نظام تزويد الأسواق المغربية بالمنتجات الفلاحية.
وقال إن عمليات تحضير التربة شارفت على الانتهاء وكذلك بدأت عمليات البذر والغرس، معربا عن أسفه للظروف المناخية الصعبة وقلة هطول الأمطار مما أثر بشكل كبير ليس فقط على المياه السطحية بل حتى على منسوب المياه الجوفية.