“تعبئة الموارد المائية وحمايتها بالمغرب ..أية إستراتيجية” موضوع لقاء دراسي بمراكش
مراكش – شكل موضوع “تعبئة الموارد المائية وحمايتها بالمغرب ..أية إستراتيجية” محور لقاء دراسي نظم اليوم السبت بمراكش، بهدف تسليط الضوء على الوضعية الحالية للموارد المائية بالمغرب والتدابير المتخذة من أجل حماية الثروة المائية، والمجهودات المبذولة لتقوية وتشجيع البحث والابتكار في مجال الماء.
وأجمع المتدخلون في هذا اللقاء، المنظم بمبادرة من الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، وبمشاركة ثلة من المهتمين والمختصين والفاعلين في الحقل السياسي، على أن المغرب سجل مكتسبات مهمة في سياسة تدبير قطاع الماء وخاصة في مجال تعبئة المياه السطحية بواسطة السدود الكبرى وسقي أكثر من 5ر1 مليون هكتار والتزويد بالماء الصالح للشرب بالوسطين الحضري والقروي.
وشددوا على أنه بالرغم من الجهود المبذولة في هذا المجال إلا أنها تبقى غير كافية مقارنة مع المخاطر التي باتت تهدد جودة واستمرارية الموارد المائية، بسبب الأنشطة البشرية والاستغلال الكبير لها والتي بلغت مستويات مقلقة والاستخراج المفرط غير القابل للتجديد في الفرشة المائية، وهو ما ينذر، حسب قولهم، بنقص في الموارد المائية بالمغرب في ظل وضعية مناخية وطنية متفاقمة بسبب التغيرات المناخية.
واستحضر في هذا الصدد، الأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة، السياسات العمومية والتراكمات الإيجابية المحققة في مجال مواجهة إشكالية الماء بالمغرب، لا فتا الانتباه إلى أن الإشكال المطروح وبحدة يرتبط بالتغيرات المناخية والتي قد تتسبب في فقد المغرب ل50 في المائة من موارده المائية في أفق 2050، مما يشكل رهانا كبيرا في المستقبل، وهو يستدعي، على حد قوله، الاقتصاد في الماء وخاصة في المجال الفلاحي الذي يستهلك 80 في المائة من الموارد المائية بالمملكة.
وبعد أن حذر من الاستغلال المفرط للفرشات المائية وما قد يطرحه من إشكالات كبرى في المستقبل، دعا الأمين العام لحزب الاستقلال، إلى ضرورة جعل الأمن المائي أولوية الأولويات ووضع سياسة مندمجة للماء بانخراط الجميع، وبلورة البعد التضامني في تدبير المياه بين جميع القطاعات، وبحث السبل الكفيلة بترشيد استعمال المياه وتغيير الممارسات اليومية في التعامل مع هذه المادة الحيوية، إلى جانب تعزيز الابتكار في ميدان البحث الزراعي من أجل استخدام ما هو أنسب من المزروعات التي لا تتطلب كميات كبيرة من المياه.
من جانبه، أبرز مدير البحث والتخطيط المائي بكتابة الدولة المكلفة بالماء، زياد عبد السلام، الأهمية التي حظي بها مجال الماء ضمن البرامج القطاعية خلال العقود الماضية، مشيرا إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع تقدر ب20 مليار درهم سنويا.
وسجل أن السياسة المائية بالمغرب مكنت من التوفر على بنية تحية مهمة تتمثل في الأساس في تشييد حوالي 140 سدا كبيرا تقدر حقينتها بحوالي 18 مليار متر مكعب، وتزويد المجال الحضري بالماء بنسبة مائة في المائة وتمكين الولوج إلى الماء بالوسط القروي بنسبة 96 في المائة، إلى جانب تطوير ميدان السقي، ومواكبة القطاعات الأخرى عبر تحسين الحماية من الفيضانات وإنتاج الطاقة الكهرومائية .
ورغم الأشواط المهمة التي تم قطعها في هذا المجال، يقول المتحدث، فإن المغرب لازال يواجه بعض التحديات التي تفرضها الوضعية المائية حيث أن نسبة الموارد المائية المتاحة للفرد في انخفاض بسبب النمو الديمغرافي المتزايد، إلى جانب الضغط على الفرشة المائية مما يستدعي وضع نمط للحكامة الناجعة واللجوء إلى تثمين هذه الموارد والحفاظ على المياه الجوفية ومحاربة التلوث.
بدوره، أشار عضو الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، عبد اللطيف أبدوح، إلى أن هذا اللقاء يكتسي أهمية كبيرة بالنظر لكون موضوع السياسة المائية شكلت في السابق عنصرا مهيكلا في تدبير الموارد المائية الوطنية وتخزين مياه التساقطات والسطحية، مضيفا أن الوضعية الحالية التي تعيشها بعض الجهات أضحت تدق ناقوس الخطر بسبب التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف.
وأكد، في هذا الصدد، على ضرورة جعل ورش السياسة المائية ورشا استراتيجيا وذا أولوية قصوى باعتباره المؤشر الأساسي على تطور المسار التنموي بالمملكة.
وناقش المشاركون في هذا اللقاء عددا من المحاور، همت بالأساس، الحالة الراهنة والآفاق المستقبلية للموارد المائية بأحواض تانسيفت، وتأثير الجفاف على الموارد المائية بحوز مراكش، والسياسة المائية بالمغرب بين إكراهات التدبير ومنطق الحكامة، وإرساء سياسة لتدبير الطلب على الماء في زمن الندرة، فضلا عن كيفية الحد من تلوث الفرشة المائية والتدابير المتخذة في هذا الصدد، والدور الذي قد يضطلع به المهندس في تنمية الموارد المائية.