“أريج فيطو”، منتجات تجميلية طبيعية بروح مغربية
(إعداد: ربيعة صلحان)
الرباط – مع تزايد الدراسات التي تؤكد خطورة المواد الكيماوية، والشكوك المثارة بشأن ارتباطها بالإصابة بمرض السرطان، أصبح الكثير من المستهلكين في بحث مستمر عن منتجات طبيعية وعضوية باعتبارها أكثر أمانا على صحتهم ورحمة ببيئتهم.
ولمواكبة هذا الاهتمام المتزايد بالمنتجات الطبيعية بكل أنواعها، وعلى رأسها مستحضرات التجميل الطبيعية التي تشهد إقبالا سنة تلو أخرى، أصبح الهاجس الأكبر هو التوجه نحو كل ما هو طبيعي، سواء من قبل الشركات العالمية الكبرى أو التعاونيات أو عن طريق مبادرات فردية.
وهذا كان الحال بالنسبة لعلامة “أريج فيطو” الخاصة بالمنتجات التجميلية الطبيعية، التي بدأت بمبادرة فردية لفاطمة الزهراء بنجلون المدني، التي دفعها شغفها وموهبتها إلى رفع تحدي المزج بين ما هو طبيعي وتجميلي.
بدأت قصة فاطمة الزهراء، رئيسة تعاونية “بيو موروكو” التي تسوق منتجاتها تحت علامة “أريج فيطو”، بشغف بالطبيعة وحب كبير للنباتات الطبية والعطرية منذ الصغر، “كانت أسرتي من محبي النباتات المنزلية، وحريصة على استعمال كل ما هو جميل وطبيعي. نشأت وسط روائح الورد، والبابونج، والخزامى، وغيرها من النباتات المغربية الطبيعية، التي أصبحت جزءا مني ومن معيشي اليومي”.
وكنتيجة طبيعية لحبها وتعلقها بالطبيعة، التحقت فاطمة الزهراء بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، حيث مكنها مسارها الدراسي من التواصل المباشر مع الطبيعة، لفهمها بعمق، واختبارها، ودراستها، ليتضاعف اهتمامها وشغفها بكل ما هو طبيعي، خاصة مع توالي الدورات التدريبية والتكوينية التي شاركت فيها.
وبعد التخرج من المعهد، التحقت فاطمة الزهراء بالمختبر الجهوي للتحاليل والأبحاث بالدار البيضاء، التابع للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، حيث اكتسبت نضجا مهنيا في العمليات المخبرية والجودة، وبهذا “أضفت لشغفي بالطبيعة مقدارا لا بأس به من الخبرة والمعرفة العلمية”.
ولعل الشرارة الحقيقية لبزوغ فكرة مشروعها، كانت خلال تحضيرها للدكتوراه في تخصص البيولوجيا الطبية وعلم الأمراض البشرية في كلية الطب بالرباط، حيث تحكي الدكتورة الشابة كيف اكتشفت أن “معظم مشاكلنا ترجع إلى أسلوب حياتنا، والبيئة التي نعيش فيها، وما نأكله وما نضعه على بشرتنا، وأدركت أن الحل يكمن في العودة إلى الطبيعة والابتعاد عن كل ما هو كيميائي ومعدل وراثيا”.
وهكذا نشأت فكرة المشروع ورفع تحدي إنتاج مواد تجميل طبيعية مائة بالمائة حيث “أردت أن أوظف خبرتي وشغفي في منتوج علمي يخضع للمعايير العلمية المخبرية وفي نفس الوقت فيه تثمين للنباتات الطبية والعطرية المغربية التي تزخر بها بلادنا”.
وعن هذا المشروع الذي أنشأته سنة 2017، تقول الدكتورة بنجلون، “مشروع أريج فيطو، هو أكثر من مجرد علامة تجارية فهو يختزل بالنسبة لي أسلوب حياة ألفته ونشأت عليه منذ الطفولة، وزادت قناعتي وتعلقي به بعد دراستي وتجاربي المهنية”.
وتؤكد رئيسة التعاونية حرصها على استعمال النباتات العطرية والطبية المغربية، مستفيدة بذلك من غنى وتنوع النباتات في المملكة التي تحتل المراكز الأولى عالميا من حيث الخيرات الطبيعية، مشيرة في هذا الصدد، إلى أن المغرب يقوم بتصدير مجموعة من النباتات “فالأولى بنا نحن المغاربة أن نولي أهمية أكبر لهذه الثروة الطبيعية، وتثمينها وإخراجها بشكل يليق بها لتسويقها داخل وخارج المغرب”.
وتقوم فلسفة “بيو موروكو” على اختيار المواد الأولية بعناية بالغة، من أجل تقديم منتجات طبيعية ذات جودة عالية في احترام تام للطبيعة التي تعد مصدر إلهامها الأول، ولهذا تحرص على التعامل مع ممونين من تعاونيات وشركات مغربية، تكون حاصلة على الشهادات والرخص الضرورية، على رأسها الرخصة المسلمة من طرف المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية.
وعن غزو المنتجات التي تحمل علامات “طبيعية” و”عضوية” للسوق المغربية، أكدت السيدة بنجلون أن الطريقة الوحيدة التي تمكن الزبون من التأكد من أن المنتج طبيعي فعلا، هي توفره على شهادة تثبت ذلك، فالبنسبة للنباتات الطبية والعطرية لا بد من وجود الرقم الذي يعطيه المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، المسؤول عن مراقبة هذه المنتجات.
وبالنسبة للصعوبات التي تواجهها كمقاولة شابة، أبرزت السيدة بنجلون أن أبرز التحديات تكمن في نقطتين أساسيتين، أولهما التسويق وولوج الأسواق المحلية والخارجية الكبرى، مبرزة في هذا الخصوص أن منتجات “أريج فيطو” استطاعت ولوج عدة أسواق على الصعيد الوطني، آملة في التمكن من تصدير منتجاتها التي “تستجيب للمعايير الدولية، فهي حاصلة على خمس تراخيص من المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، وشهادة إيزو 22716، كما أنها مسجلة في وزارة الصحة”.
وترتبط النقطة الثانية بارتفاع تكلفة التحاليل ومعايير الجودة التي تحرص التعاونية على اتباعها، لأن “المؤسسات التي نعمل معها في هذا الخصوص تكلفتها عالية نوعا ما، ومثل هذه المنتجات تحتاج إلى تحاليل ومراقبة المختبر بشكل دائم”.
وبالإضافة للمنتجات التجميلية الطبيعية المغربية، كالغاسول، والكحل الطبيعي، ومقطرات النباتات التي تنتهج فيها الطريقة المغربية التقليدية، تعمل الدكتورة فاطمة الزهراء، رفقة فريق بحث متخصص خاص بالتعاونية، على تطوير تركيبات خاصة لإنتاج منتجات تجميلية فريدة وذات جودة، حيث يمكن لمنتج واحد أن يأخذ سنة من البحث والتجريب والتطوير إلى غاية إيجاد التركيبة الآمنة والفعالة. وقد سبق للتعاونية أن طورت عدة منتجات على غرار سيروم ضد تساقط الشعر، وكريمات مرطبة للجسم والوجه.
وفي ما يخص طموحاتها المستقبلية، أعربت الدكتورة فاطمة الزهراء بنجلون عن أملها في توسيع نطاق عمل التعاونية، وافتتاح فروع جديدة في كافة ربوع المملكة، بعد افتتاح فرع لها مؤخرا بمدينة القنيطرة، مؤكدة في السياق ذاته رغبتها في تصدير منتجاتها إلى الخارج.