اليوم العالمي للأرض الأم ، مناسبة للاحتفاء بالتنوع البيولوجي
(يسرا بوكربة)
الرباط – يحتفي العالم، غدا الأربعاء (22 أبريل)، باليوم العالمي للأرض الأم، الذي يشكل هذه السنة مناسبة لإبراز أهمية التنوع البيولوجي من حيث كونه مؤشرا على صحة الكوكب، وكذا باعتباره حلا في مواجهة التدهور البيئي وحالات الطوارئ المناخية.
والواقع أن كوكب الأرض، مهد الإنسان الأول، والمعين الذي يفيض كرما وجمالا، بات يرزح تحت وطأة السلوكات والاختيارات الأنانية واللاعقلانية للإنسان، والتي تفضي في نهاية المطاف إلى تدمير التنوع البيولوجي للكوكب بدل حمايته والاحتفاء به، ودونما مراعاة للعواقب الوخيمة التي ستحصدها الأجيال القادمة.
وفي هذا الصدد، نقرأ في موقع الأمم المتحدة أن عوامل تغير المناخ والاضطرابات البيئية الأخرى الناجمة عن الأنشطة البشرية، على غرار اجتثاث الغابات، والزراعة المكثفة، أو الاتجار غير المشروع في الأحياء البرية، تساهم في خطر انتقال الأمراض الحيوانية المعدية (أي انتقال العدوى بين الحيوانات والإنسان)، وخير مثال على ذلك (مرض كوفيد-19).
ويضيف المصدر نفسه أن ” العلماء يؤكدون باستمرار على أهمية الحلول القائمة على الطبيعة باعتبارها وسيلة لضمان رفاه البشر والأرض في آن واحد. ويشكل التنوع البيولوجي أحد هذه الحلول، إذ تشير الأرقام المسجلة حاليا إلى أن مليون نوع من الحيوانات والنباتات مهدد بالانقراض”.
وتماشيا مع السياق نفسه، وضع المغرب سلسلة من البرامج، واتخذ مجموعة من الإجراءات الرامية إلى الحفاظ على التنوع البيولوجي وضمان استخدامه السليم والمستدام، ونخص بالذكر استراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي (2016-2020).
ويحظى التنوع البيولوجي الوطني بأهمية خاصة، حيث تم إحصاء أكثر من 24 ألف نوع حيواني و 7000 نوع نباتي، وفقا لدراسة وطنية عن التنوع البيولوجي، تم الإعلان عن نتائجها في ماي 2019.
وتسجل استراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي أن “المغرب يقع على مفترق الطرق بين العديد من التأثيرات البيوجغرافية، ويغطي 5 مناطق جغرافية بيولوجية ( المحيط أطلسية، والأطلسية، والقارية، والمتوسطية، والصحراوية)، مما يجعله أحد أكثر البلدان تنوعا في حوض البحر الأبيض المتوسط، بحيث يزخر بتنوع مناخي يتراوح ما بين الرطوبة والجفاف”.
وبحسب الاستراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي، التي تمت بلورتها بناء على المادة 6 من الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي التي صادق عليها المغرب سنة 1995، فإنه ينتج عن تموقع المغرب تنوع بيولوجي كبير، يعد من بين الأهم في حوض البحر الأبيض المتوسط ، كما يعد موطنا لعدد هام من الأنواع.
وإدراكا لأهمية وقيمة التنوع البيولوجي الذي تختزنه أرض المغرب، تواصل السلطات المغربية تكثيف جهود الحماية في هذا الشأن. واستنادا إلى ذلك، تأتي النسخة الحالية من استراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي في المغرب (2016-2020) “بعد تقييم واستخلاص الدروس من الاستراتيجيتين السابقتين”.
ويوضح المصدر أن الأمر يتعلق أساسا بإدراج محور ينص على تعزيز إدارة التنوع البيولوجي بغرض تكييف استراتيجية وخطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي مع روح الدستور الجديد، في أفق دمج التنوع البيولوجي في التنمية المحلية والوطنية، وتبني البعد الجهوي لهذه الاستراتيجية في ضوء إرساء الجهوية المتقدمة.
علاوة على ذلك، تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز الحفاظ على الأنواع والنظم الإيكولوجية والخدمات التي تقدمها، وضمان الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والموارد البيولوجية، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية للسكان من خلال التنفيذ الفعال للاستراتيجية والخطة الوطنية للتنوع البيولوجي.
ويتعلق الأمر أيضا بتثمين وتبادل المعارف بشأن التنوع البيولوجي الوطني وتعزيز الرغبة لدى المواطنين في تغيير السلوك في ما يتعلق بالتراث الوطني للتنوع البيولوجي.
ويعتبر المصدر نفسه أن اعتماد هذه المحاور الاستراتيجية الستة يجعل من التنوع البيولوجي ركيزة للتنمية المستدامة في المغرب، مما يساهم في رفاه المواطنين.
واليوم، تخوض البشرية معركة آنية ضد فيروس “كورونا”، ومعركة بعيدة المدى للحفاظ على الأرض الأم. فمن الحري بنا أن نحرص على شكر النعم التي نغنمها من الأرض، قبل أن نذوق شر سلوكاتنا واختياراتنا الخاطئة.