عندما يختل المناخ يتصاعد غضب الطبيعة
–توفيق البوشتاوي–
جنيف – يبدوا أن الزلازل وأمواج التسونامي والانهيارات الأرضية والأعاصير والفيضانات وحرائق الغابات قد ازدادت وتيرتها بحدة في السنوات الأخيرة ، ما تسبب في أضرار بشرية واقتصادية وبيئية كبيرة . ويحدث هذا في وقت الذي تجمع فيه الدراسات على أن غضب الأرض يهدد بأن يأخذ أبعادًا هائلة خلال العقود القادمة مع تداعيات جسيمة على البشرية بسبب التغيرات المناخية.
فمنذ 30 عاما، واليوم الدولي للحد من الكوارث الطبيعية، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 13 أكتوبر 1990 ، يتيح الفرص لزيادة الوعي كل عام لدى صانعي القرار والجمهور حول مختلف المواضيع المرتبطة بالمخاطر الطبيعية وبضرورة التخطيط للحيلولة دون وقوع مثل هذه الكوارث وتجنب ما تخلفه من خسائر بشرية وأضرار مادية واضطرابات اجتماعية واقتصادية.
بالنسبة للأمم المتحدة، فإن وباء كوفيد-19 وحالة الطوارئ المناخية يظهران الحاجة إلى رؤية واضحة وتخطيط ومؤسسات مختصة قادرة على العمل على أساس أدلة علمية من أجل الصالح العام.
ويتعلق الأمر بوضع استراتيجيات لا تتعلق فقط بالمخاطر الفريدة ، مثل الفيضانات والعواصف ، ولكن بتوفير استجابة في حالة المخاطر الناتجة عن الأمراض الحيوانية المنشأ (الأمراض التي تنتقل بين البشر والحيوان) والصدمات المناخية والتدهور البيئي.
وفي تقرير صدر أمس الاثنين عشية هذا اليوم العالمي أعلنت الأمم المتحدة أن التغيّر المناخي ضاعف بدرجة كبيرة الكوارث الطبيعية في العالم منذ العام 2000، والتي أودت بدورها بحياة 1,2 مليون شخص خلال العقدين الماضيين.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث أن الفترة من العام 2000 حتى 2019 شهدت 7348 كارثة طبيعية في العالم وبلغت كلّفتها حوالي 3 مليار دولار ” ، مضيفا أن هذا أكثر بمرتين من تلك التي سجّلت في السنوات العشرين الماضية.
وذكرت مامي ميزوتوري الأمينة العامة لمكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، في مؤتمر صحافي، أن “كوفيد-19 ساهم في توعية الحكومات والجمهور عموما حول المخاطر التي تحدق بنا “. وقالت “يمكنهم ان يروا انه اذا كان كوفيد-19 فظيعا جدا يمكن للتقلبات المناخية ان تكون أسوأ” .
ويظهر التقرير، الذي لا يتطرق الى مخاطر انتشار الاوبئة كفيروس كورونا ، أن تفاقم الكوارث الطبيعية مرتبط خصوصا بزيادة الكوارث المناخية التي ارتفعت من 3656 (1980-1999) الى 6681 (2000-2019).
وكانت الأمطار التي اشتدت غزارتها والعواصف هي الكوارث الاكثر انتشارا في العقدين الماضيين. وللعقد المقبل تعتبر الامم المتحدة ان أسوأ مشكلة ستكون موجات الحرارة.
وسجل التقرير أن هناك أيضًا زيادة في الأحداث الجيوفيزيائية ، بما في ذلك الزلازل وأمواج تسونامي ، التي أودت بحياة أشخاص أكثر من أي مخاطر طبيعية أخرى.
ومن الناحية الاقتصادية، قدرت تكاليف الكوارث الطبيعية بحوالي 3 مليار دولار منذ عام 2000 ، لكن الكلفة الحقيقية أعلى بكثير بسبب مشكلة جمع البيانات في بعض المناطق ، مثل أفريقيا حيث يسود القطاع غير المهيكل.
وأمام هذا الوضع القاتم الذي رسمه التقرير ، تدعو الأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى اتباع توصيات العلماء والاستثمار في برامج الحد من تغير المناخ والتكيف معه.
وقال الممثل الخاص للأمين العام المعني بالحد من مخاطر الكوارث إن “الحكامة الجيدة لمخاطر الكوارث تعتمد على الريادة السياسية والوفاء بالوعود التي تم التعهد بها عندما تم اعتماد اتفاقية باريس وإطار سنداي للحد من مخاطر الكوارث قبل خمس سنوات”.
وبالموازاة مع ذلك، شدد خبراء يوم الثلاثاء على أن أنظمة الإنذار المبكر لا محيد عنها للحيلولة من الكوارث المرتبطة بتغير المناخ.