جماعة راس أومليل بكلميم.. دواوير بمؤهلات طبيعية ومقومات سياحية في أفق انبعاث جديد
(عبد الله البشواري)
كلميم – هل نشأت هذه الواحات “هنا” من عدم؟ ما السر في نموها وصمودها ، وإن كان الضمور قد بدأ ينخر أوصالها؟ أسئلة تتناسل مع انطلاق رحلة شاقة وسط الجبال والأخاديد والرمال الى “عيون درعة” ودواوير أخرى بين طانطان وكلميم… يبدو المشهد سورياليا.
مع التوغل أبعد (نحو 20 كيلومتر عن الطريق الوطنية رقم 1) وتشعب المسارات والانعطافات بدأ الشعور بالخذلان يزول، مع شجر نخل وزيتون في الأفق… ينكشف السر: عيون طبيعية ,متدفقة مياهها، جزء منها يروي واحات تقاوم…لم تعد الرحلة موعدا مع المجهول .
دواوير.. هبة العيون الربانية
بعد استراحة ونهل من عين ماء، بدأ الفريق يستفيق مع فتنة العوالم المحيطة، وبدأت رحلة إعادة تشكيل المعطيات، تستقر البوصلة على المقصد .. شيوخ يحكون عن قصة العيون المتدفقة هنا منذ قرون خلت .. هبة ربانية جعلت الحياة ممكنة، هنا، رغم قساوة الطبيعة وغياب الطريق المعبدة التي تربط الساكنة بمحيطها .
الموقع… جماعة راس أومليل (إقليم كلميم)، دواوير متناثرة هنا وهناك..، يقول أحد شيوخ المنطقة، لوكالة المغرب العربي للأنباء كخنيك لعظام وعيون درعة و تاموسيت و عين كرمة..
منسية ، أو تكاد، هذه الدواوير، معاناة وقصص يومية مع طريق وعرة، بصعوبة بالغة تستطيع السيارات رباعية الدفع اختراقها، وطقس شبه جاف، هذا بالرغم من المؤهلات الإيكولوجية التي تتوفر عليها، والتي يمكن أن تحولها الى وجهة جذابة للسياح، وطنيا ودوليا، وملاذا لعشاق المغامرة والطبيعية والرحلات الجبلية والاستشفائية.
غطاء نباتي غني مثل الأركان، السدر، تيكيوت أو الدغموس ( …) بدأ يتدهور ، بسبب عوامل عدة، منها الرعي المفرط وتوالي سنوات الجفاف.. هذا الأمر بدأ يقلق ساكنة الدواوير.
الخيمة للتشاور …
بمبادرة من قطاع المياه والغابات ومحاربة التصحر بكلميم وفعاليات مدنية، عقد اجتماع طارئ تحت خيمة وسط الصحراء مع بعض الشيوخ خصص، بالخصوص، لتدارس مجال تدخل هذا القطاع، وغيره، للمساهمة التنمية المستدامة للمنطقة.
وأكد المدير الإقليمي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بكلميم أنوار جوي أن القطاع سبق وأن قام بتدخلات في المنطقة لا سيما في زراعة الصبار الذي هاجمته، للأسف، الحشرة القرمزية، مضيفا للوكالة أن للساكنة مطالب عدة.
وبعد أن شدد على المقاربة التشاركية التي ينهجها قطاع المياه والغابات، أبرز المسؤول الإقليمي أن التشاور مع ساكنة هذه الدواوير انصب ، بالخصوص، على ضرورة تكتلها في إطار تعاونية من أجل تثمين المنتوجات الواحاتية ومنتوجات شجر الأركان، وتثمين وإعادة احياء الوحيش كغزال “أغيس” ولاروي (Le mouflon à manchette ) التي كانت تتواجد بالمنطقة وتعرضت للصيد الجائر وهي المهددة بالانقراض .
ومن بين المشاريع التي يتم التشاور بشأنها بين المديرية الإقليمية للمياه والغابات ومحاربة التصحر والساكنة إعادة انتشار الوحيش في موائلها الطبيعية.
وقال إن قطاع المياه والغابات رائد في هذا المجال، مذكرا بتجربته في المنتزه الوطني لسوس ماسة.
كما يمكن للقطاع التدخل في المنطقة عبر محاربة زحف الرمال ومكافحة التعرية المائية وتأهيل وترميم نقاط الماء، عبر عروض تحسيسية لضمان استمرارية هذه التدخلات.
من جهته أكد أحمد فريسن، عضو المجلس الجماعي لراس أومليل النائب الأول لرئيس المجلس الإقليمي لكلميم، وجود تفاهم مبدئي على إحداث تعاونية تمثل الساكنة، لتسهيل تدخلات عدة قطاعات لاسيما منها المياه والغابات، والفلاحة، والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان(أندزوا) عبر اتفاقيات شراكة لتنمية المنطقة.
وشدد على أهمية إحداث مسلك طرقي على مسافة 10 كيلومترات لفك العزلة بين دواويور المنطقة.
شيوخ ..عاشقون لكل حبة رمل
شيوخ التقتهم وكالة المغرب العربي للأنباء، يتذكرون أشجار الزيتون والرمان والتين وكل ما تشتهيه النفس من فاكهة طيبة، والبساتين المزهوة بخضرتها، والتي، يروون بحرقة، نال منها الزمن، فباتت في أمس الحاجة الى تدخل عاجل يزرع أملا جديدا في النفوس ولتعود المنطقة مزهوة عامرة بخيرها وناسها وجمالها الساحر المثير.
ولم يفت الشيوخ الحديث عن أهمية المشاريع المدرة للدخل التي تساعد على الاستقرار، لاسيما وأن عيون الماء تمنح هذه الفضاءات روحا وحياة.
وبفضل مؤهلاتها، إذا ما استغلت بالشكل الأمثل، فلن تكون هذه الواحات، وجهة جذب للسياح العاديين الباحثين عن الاستجمام، فقط، بل أيضا محجا للباحثين الأكاديميين المهتمين، ولماذا لا للسينمائيين والمبدعين لما توفره المنطقة من “بلاتو” طبيعي للتصوير.