دعوة إلى اقتصاد أخضر دامج وعادل ومستدام (ندوة)
الرباط – دعا المشاركون في أشغال ندوة “الاقتصاد الأخضر بالمغرب، استراتيجية مكافحة التغير المناخي والاتفاق الأخضر الأوروبي الجديد”، اليوم الجمعة بالرباط إلى اقتصاد أخضر دامج وعادل ومستدام.
وسلط هذا اللقاء المنظم من طرف مؤسسة ليونس كلوب الدولية- المنطقة 416- المغرب، والذي تميز بحضور متخصصين من مختلف الآفاق، الضوء على مواضيع مختلفة من ضمنها، “التحول الطاقي والانتعاش الاقتصادي الأخضر بالمغرب، أي آثار للاتفاق الأخضر الأوروبي الجديد؟”، و”مكافحة التغير المناخي والفلاحة المستدامة بالمغرب، أي رهانات للميثاق الأوروبي الأخضر؟”، و”أي دور للمجتمع المدني في تنفيذ الاستراتيجيات والمشاريع المتعلقة بالتنمية المستدامة؟”
و دعا المشاركون في توصياتهم إلى تطوير فروع الطاقة المتجددة، من خلال وضع آلية للتحفيز والتحديث، وتوحيد المعايير ومواكبة الفاعلين الاقتصاديين، لحثهم على الاستثمار في حلقات سلسلة القيمة للطاقات المتجددة، وبروز خبرة تكنولوجية وصناعية مغربية، وتعزيز نظام ضريبي أخضر.
ويتعلق الأمر أيضا بتشجيع نقل التكنولوجيا وإحداث قطاعات للبحث والتطوير والصناعة في المقاولات الصغرى والمتوسطة، وخلق حاضنات تكنولوجية، بالإضافة إلى تشجيع توظيف المهندسين الباحثين والدكاترة في المقاولات الصغرى والمتوسطة، وتمويل مشاريع تثمين الابتكار من خلال القروض الضريبية على البحث وطلبات المشاريع.
من جهة أخرى، دعا المشاركون في الندوة إلى دعم القطاع الفلاحي المغربي لاعتماد تقنيات جديدة تمكنه من تقليل بصمتة الكربونية، لا سيما من خلال تعزيز وتكثيف التمويلات الخضراء في التنمية الفلاحية المستدامة.
أما في ما يرتبط بمكافحة التغيرات المناخية، فقد أبرز الخبراء أهمية شروع المغرب في الاستعداد لتجاوز التأثير المحتمل للآلية الاوروبية لتعديل انبعاثات الكربون في الحدود على الصادرات الفلاحية الوطنية، والبدء في توقع المخاطر والفرص التي ستصاحبها.
ويتعلق الأمر بضرورة تحسين الحكامة وتحيين الترسانة القانونية المطلوبة والسهر على تنفيذها، وتعبئة الفاعلين في التنمية المحلية، من خلال تسريع عمليات اللاتمركز واللامركزية، فضلا على تطبيق المبدأ الدستوري للديمقراطية التشاركية من خلال منح المنظمات غير الحكومية الوسائل التي تسمح لها بالوفاء بمسؤولياتها.
وأبرزوا أيضا أهمية تشجيع ودعم العمليات البيئية ذات الهدف الاجتماعي، التي تمكن من محاربة الفقر، وكذا تشجيع التربية البيئية والتربية الدامجة لفائدة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
وقال المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية السيد سعيد مولين في تصريح لقناة الأخبار المغربية M24 التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، إنه يتم التحضير لضرائب كربونية على مستوى اوروبا، والتي يتعين الاستعداد لها.
وأضاف السيد مولين “نحن على استعداد تام ليس فقط لتحييد الكربون في صناعتنا وإنما أيضا خفض الفاتورة الطاقية للصناعيين، الذي سيصبحون أكثر تنافسية”، مبرزا أن الأمر يشتمل أيضا على جانب اجتماعي يتم إعداده بمعية المجتمع المدني الذي تتعين مواكبته.
من جهته أشار المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة السيد بدر إيكن، إلى أن برنامج الاتفاق الأخضر الأوروبي الجديد يمثل فرصة كبيرة للمغرب لأنه يجمع في الآن ذاته بين تقليص غازات الاحتباس الحراري وخلق فرص الشغل.
ولفت إلى أن المملكة التزمت بالتحول الطاقي وتحييد الكربون في قطاعها الكهربائي، ومقاولاتها، وصناعاتها، مما سيمكن من استهداف السوق الاوروبية بمنتوجات خالية من الكربون.
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الاقتصاد الأخضر بالاتحاد العام لمقاولات المغرب السيد سعيد الهادي، أن “المغرب له مصلحة في الانخراط في الميثاق الاوروبي الأخضر لأن هذا الأمر سيسمح له بالتموقع بكيفية تنافسية لتسريع تحوله التكنلوجي”.
وأكد أن المغرب بإمكانه استغلال “فرصة مهمة” من خلال توسيع مفهوم التبادل الحر بالمعنى الجمركي، الذي نتوفر عليه منذ سنوات التسعينات مع اوروبا إلى مفهوم الكربون من أجل تفادي هذه المراقبة على الحدود الكربونية والتكلفة التي ترافق ذلك.
وبعد أن عرفت بالميثاق الأخضر لأوروبا، أشارت رجاء شافيل، مديرة مركز كفاءات التغير المناخي، إلى أن هذا الميثاق هو عبارة عن مجموعة من المبادرات السياسية التي اقترحتها المفوضية الأوروبية بهدف أساسي، وهو جعل أوروبا أول قارة محايدة في مجال الكربون في أفق 2050.
ويشتمل الميثاق على مجموعة من العناصر، وخاصة تعبئة البحث وتشجيع الابتكار، وتحقيق هدف “صفر تلوث”، من أجل بيئة دون مواد سامة والحفاظ على المنظومات البيئة والتنوع البيولوجي.
من جانبه، سلط المستشار في مجال الفلاحة العضوية والجودة المتعلقة بالأصل السيد علال شيبان، الضوء على الممارسات المستخدمة في الفلاحة العضوية في علاقتها بالتنمية المستدامة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ.
وأشار في هذا الصدد إلى أن وحدة الإنتاج يجب أن تمر بفترة تحويل تعتمد مدتها على السلسلة وعلى موقع الوحدة وتاريخها.
من جهتها، أشارت رئيسة جمعية” إسبود المغرب” السيدة صباح الشرايبي، إلى أن عدد الجمعيات في المغرب يبلغ حوالي 150 ألف جمعية، وهو رقم مهم بالتأكيد لكنه لا يعكس الجوانب المتعددة لتدخل المجتمع المدني، لاسيما في مجال التنمية المستدامة.
ودعت إلى تعزيز ثقافة حقيقية لإشراك المواطنين في التنمية المستدامة، لا سيما من خلال تعزيز المهن البيئية عبر إنشاء وحدات إعادة تدوير النسيج في المملكة.
من جهته، أكد مهندس البستنة والناشط البيئي السيد عبد الهادي بنيس، على ضرورة الابتكار والجرأة والترافع مع القيام بالتحسيس الميداني لإيجاد حلول للمشاكل ذات الصلة بالقضية البيئية.
ودعا إلى إطلاق حوار مع أصحاب القرار وتشجيع المشاركة الفعالة في مختلف آليات صنع القرار، مسلطا الضوء على الحاجة إلى توحيد الإجراءات لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
واعتبرت أستاذة الجودة سابقا في معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة عائشة دتسولي، أن المجتمع المدني الذي يعد عاملا أساسيا لتحقيق التنمية، يتعين أن يحتل مكانة مهمة في تنفيذ استراتيجيات ومشاريع الحكومة في مجال التنمية المستدامة.
وأكدت وجود علاقة جوهرية بين جميع المشاكل البيئية ومظاهر الفقر، لأن هذا الأخير “يحدث أحيانا بسبب الاختلالات البيئية”.