مقال مميزحماية البيئة في صدارة أولويات السياسة الشيلية خلال 2017

مقال مميز

21 ديسمبر

حماية البيئة في صدارة أولويات السياسة الشيلية خلال 2017

(بقلم: إبراهيم صلاح الدين أمحيل)

سانتياغو – جعلت الحكومة الشيلية من حماية البيئة حجر الزاوية ضمن سياستها لسنة 2017، وذهبت الى حد رفض العديد من مشاريع الاستثمار البالغة قيمتها مليارات الدولارات بهدف حماية الطبيعة والموارد النباتية والحيوانية بعدد من مناطق البلاد.

و في هذا الإطار، رفضت الحكومة الشيلية في غشت الماضي مشروعا هاما في مجال التعدين والموانئ، وذلك لأنها اعتبرت أنه من شأن مشروع من هذا القبيل أن يلحق الضرر بالبيئة.

وقد تم رفض مشروع “دومينغا”، الذي كان من المقرر إقامته، بمنطقة كوكيمبو، بغلاف مالي ب 5ر2 مليار دولار، في 21 غشت الماضي من طرف لجنة وزارية تضم ممثلين عن وزارات البيئة والفلاحة والاقتصاد والصحة والطاقة والمعادن.

واعتبرت اللجنة أن المشروع لا يضمن أمن إحدى المحميات الوطنية التي تستقطب 80 في المائة من البطارق.

وبدورها انتقدت الأوساط المدافعة عن البيئة هذا المشروع الذي اقترحته المجموعة الشيلية “أنديس إيرون” ورأوا أن إطلاقه يعني القضاء على التنوع البيئي بالمنطقة.

وقد أثر هذا القرار بشكل كبير على الحكومة، أعقبه جدل حاد إثر استقالة وزير الميزانية رودريغو فالديز، ووزير الاقتصاد، لويس فيليبي سيسبيديس، وكاتب الدولة في المالية، أليخاندرو ميكو، احتجاجا على رفض هذا المشروع الكبير.

وتحضر حماية الطبيعة ومكافحة إصدار الغازات الدفيئة وغاز ثاني أوكسيد الكربون، في بلاد معرضة لتأثير التغيرات المناخية، بقوة ضمن السياسات المحلية.

وقننت السلطات بشكل كبير جمع أحد أصناف الصدفيات المعروفة باسم “لاماشا” بالشيلي بسبب الإفراط في صيدها واستغلالها في إعداد وجبات محلية.

وفي غشت الماضي، وعلى مدى خمس سنوات، فرضت السلطات قرارا ينص على صيد انتقائي يشمل أنواعا بعينها من المنتجات البحرية بشواطئ وسط البلاد (فالباريسو و أوهيكينز ومولي).

وعلى امتداد خمس سنوات، لا يمكن جمع “الماشا” إلا بالمناطق التي سمح فيها بجمع كميات لا يجوز تجاوزها من أجل تمكين هذه الصدفيات بالمناطق البحرية التي تعرضت للاستغلال المفرط، من التكاثر.

وبجنوب المحيط الهادي، صوت السكان المحليون “رابا نوي”، بجزيرة “ليباك” في شتنبر الماضي، على مشروع إنشاء منطقة حماية بحرية تمتد على مساحة 720 الف كلم مربع بالمنطقة.

وفضلا عن المنتزه البحري بالمنطقة، ستغطي هذه المنطقة الجديدة ضواحي هذه الجزيرة المتواجدة على بعد 3500 كلم غرب سواحل الشيلي والشهيرة بثماثيلها العملاقة ومياهها الغنية بالأسماك، وهو ما يجعل الشيلي تتوفر على أكبر منطقة حماية بحرية بأمريكا الجنوبية.

وتعاني هذه المياه التي تعيش بها أصناف نادرة من الأسماك من الصيد المفرط وارتفاع نسبة حموضة المحيطات فضلا عن التغيرات المناخية.

وثمن مؤتمر المناطق البحرية المنعقد في الفترة ما بين 4 و 8 شتنبر الماضي بمدينتي لاسيرينا وكوكيمبو على بعد 471 كلم من سانتياغو هذه الجهود الرامية للحفاظ على التنوع البحري.

ودعا هذا المؤتمر الدولي الى الحد من النشاط البشري بهذه المناطق البحرية لحماية الحيوانات والتنوع البيئي بالمنطقة.

وحتى تجارة المواد العضوية باتت تشكل جانبا هاما من السياسة الخارجية، إذ يتضمن الاتفاق الفلاحي بين الشيلي والاتحاد الأوروبي المتعلق بتجارة المواد العضوية الاعتراف المتبادل بمعايير وأنظمة مراقبة هذا النوع من المنتجات.

ويطمح الاتفاق الى تعزيز تجارة المنتجات التي تحترم البيئة وتنعش القطاع الأخضر بالاتحاد الأوروبي، فضلا عن إرساء نظام للتعاون وتبادل المعلومات والقوانين المتعلقة بالنزاعات في مجال التجارة البيئية.

ويتعلق الأمر بأول اتفاق من الجيل الجديد في مجال تجارة المنتجات العضوية والأول من نوعه الذي يبرمه الاتحاد مع البلد الجنوب أمريكي.

وتعد ساعة الزهور أو “إل ريلوخ دي فلوريس” بمدخل مدينة فينيا ديل مار الشيلية، التي تعتبر واحدة من أبرز مناطق الجذب السياحي، إبداعا من النباتات تم تدشينه سنة 1962 في إطار تنظيم كأس العالم لكرة القدم، حيث كانت المدينة الحدائقية واحدة من مدن البلد الجنوب أمريكي التي استضافت التظاهرة الرياضية العالمية.

وتعتبر هذه الساعة الكبيرة، المصنوعة من زهور لا تنقصها الجمالية على مدار السنة وتعمل بشكل حقيقي، تحفة تضم العديد من أنواع الزهور الزاهية الألوان والتي لا يتعدى طولها عشر سنتيميترات، وذلك حتى يتسنى لعقارب الساعة الدوران. كما أن اللوحة الفنية تمكن الزوار وسكان مدينة فينا ديل مار، لؤلؤة المحيط الهادي بالشيلي، من معرفة الوقت.

ووفقا لاستطلاع أجري في أكتوبر الماضي، فإن 7 من أصل عشرة أمريكيين جنوبيين يرون أن مكافحة التغيرات المناخية يجب ان تكون أولوية بغض النظر عن ما إذا كان ذلك سيتسبب في حصول نتائج سلبية على النمو الاقتصادي.

ويعطي بحسب هذا الاستطلاع 71 في المائة من الأمريكيين الجنوبيين الأولوية لمكافحة التغيرات المناخية، وجاءت كولومبيا (85 في المائة ) والإكوادور (80 في المائة) والشيلي (78 في المائة) في مقدمة الترتيب في ما يتعلق بالمواطنين الذين يعطون الأولوية لهذه القضية.
وتأتي هذه الجهود في ظل ارتفاع درجة حرارة الأرض لا سيما خلال السنوات الأخيرة. وقد أصدرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في الآونة الأخيرة ببون تقريرا ذكر أنه بفعل ظاهرة النينو، ستبقى 2016 في صدراة الأعوام التي سجلت أكبر درجة حرارة فيما يحتمل ان تحتل سنتي 2015 و2017 المرتبتين الثانية والثالثة.

وفي أحدث مؤشر على خطورة التغيرات المناخية، انفصلت كتلة ضخمة عن جبل جليد “غراي” الواقع بباتاغونيا الشيلية آواخر نونبر الماضي.

ونشرت الهيئة الوطنية الغابوية على مواقع التواصل الاجتماعي صورا لهذه الكتلة الجليدية البالغ طولها 350 مترا وعرضها 380 مترا وهي تطفو على سطح مياه بحيرة تسبب في إحداثها هذا الانهيار الجليدي.

وذكر مسؤولو المنتزه الوطني بطوريس ديل بين أن هذا النوع من الظواهر لم يسبق أن حدث منذ تسعينيات القرن الماضي.

اقرأ أيضا