جهاتالتلوث البحري..مصدر تهديد لتوازن المنظومة البيئية

جهات

03 فبراير

التلوث البحري..مصدر تهديد لتوازن المنظومة البيئية

الرباط – يعتبر التلوث البحري، شأنه شأن أي تعامل غير سليم مع البيئة البحرية،مصدر تهديد كبير لتوازن المنظومة البيئية،لما للوسط البحري من أهمية كبيرة في تحقيق التوازن المناخي،خاصة من خلال قدرته على امتصاص ثاني أكسيد الكربون والتقليل من نسبته في الغلاف الجوي.

وتبرز خطورة التلوث البحري عندما نعرف أهمية دور البيئة البحرية في التقليل من نسبة ثاني أكسيد الكربون من خلال ارتفاع درجة حرارتها النوعية عند السطح وبرودتها من الأسفل، مما يمكنها من امتصاص قدر كبير من أشعة الشمس الساقطة على الأرض ومن ثم تبخر جزء من هذه المياه إلى الجو وتجمعها على هيئة سحب تندفع في اتجاه اليابسة محدثة أمطارا تشكل مصدرا للماء العذب للكائنات الحية الأخرى على البر.

وقد عرف مؤتمر البيئة في ستوكهولم منذ عام 1972 التلوث البحري بأنه “إدخال الإنسان بطريق مباشر أو غير مباشر لمواد أو طاقة في البيئة البحرية، تكون لها آثار ضارة كالأضرار التي تلحق بالموارد الحية أو تعرض صحة الإنسان للخطر أو تعوق الأنشطة البحرية،بما فيها الصيد وإفساد خواص مياه البحر من وجهة نظر استخدامه والإقلال من منافعه”.

وتتعدد مصادر التلوث البحري بين مصادر أرضية تضم بدورها مصادر صناعية و زراعية وأخرى لأنشطة استكشاف واستغلال قاع البحر، وتصريف النفايات في البحار، والتلوث بالسفن نتيجة لحركة الملاحة البحرية في العالم، إضافة إلى مصادر تلوث البيئة من الجو، ومنها الأمطار الحامضية وما تحملة من ملوثات.

ومن أجل الحفاظ على سلامة البيئة البحرية وحمايتها من التلوث، اتخذ المغرب جملة من التدابير الرامية إلى مواجهة التلوثات البحرية وكافة التهديدات التي قد تحدث أضرارا بيئية،كما وقع 28 اتفاقية تتعلق بالوسط البحري.

وأكد المستشار المغربي في قضايا البيئة، الأستاذ الجامعي، خالد خاخاي في تصريح صحفي، أن التلوث البحري يدخل في مجال السلامة البحرية، وأن تأطير هذه الظاهرة يهم جانبي الوقاية والتدخل.

وأضاف أن هذا التأطير هم التشريعات الوطنية، كما جمع مختلف البلدان من خلال اتفاقيات دولية وقعت عليها من أجل تنسيق جهودها للتوصل إلى نتيجة فضلى.

وفي ما يتعلق بجانب الوقاية، فيهم إقامة معايير دولية لسلامة الملاحة والحفاظ على الحياة البشرية في البحر، وكذا حماية البيئة البحرية.

وقال إن المغرب الذي يقع في ” ملتقى حوض البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، مهدد باستمرار بالنتائج الكارثية التي قد تتسبب فيها بعض الحوادث البحرية على جزء من ساحله”، مضيفا أن تنامي حركة التنقل بمضيق جبل طارق “يشكل مصدر تهديد بالنظر لعدد ناقلات البترول التي تعبره يوميا”.

وفي هذا الصدد، تم وضع “المخطط الاستعجالي الوطني لمحاربة التلوث البحري الطارئ”، لمواجهة التلوثات الطارئة الكثيفة أو التهديدات الحقيقية المتعلقة بتلوث كثيف، والتي تضر أو يكون من شأنها أن تضر بالمياه البحرية الخاضعة للسيادة وكذا بالساحل المغربي.

ويحتوي هذا المخطط على مجموعة من المعلومات و التوجيهات والتعليمات الضرورية التي تمكن السلطات العمومية من القيام في أحسن الظروف بالوقاية أو مكافحة كل تلوث بحري كثيف ينتج عن مواد نفطية والمواد الأخرى الضارة التي تهدد البيئة البحرية والساحل الوطني.

كما يتضمن المخطط الاستعجالي الوطني أحكاما تهدف إلى إقامة جهاز ملائم للكشف والإنذار في حالة وقوع تلوث بحري كثيف، والتنظيم السريع والفعال والمنسق لأعمال الوقاية و المحاربة وتحديد العناصر الرئيسية، لاسيما إدارة رشيدة لوسائل المحاربة وتوزيع المسؤوليات والمهام ورصد المناطق الأكثر حساسية ذات الأولوية ومواقع التخزين بالنسبة للمواد المستوردة، إضافة إلى تحقيق التعاون الدولي وتسهيل المساعدة المتبادلة في حالة طلبها أو في حالة التزام المغرب بعمل من أعمال التعاون الدولي بحكم الاتفاقيات التي يكون طرفا فيها.

ويهم المخطط أيضا التدبير المحاسبي للعمليات من أجل الحصول في ما بعد على تعويضات محتملة، وإدارة مخزون المواد والتجهيزات المضادة للتلوث بما في ذلك تحيين عملية جرد الوسائل المتاحة على مستوى الموظفين أو المعدات، وتكوين وتدريب الموظفين المؤهلين في مجال الوقاية ومحاربة التلوث البحري الكثيف الناتج عن مواد نفطية ومواد أخرى ضارة.

وقد صادق المغرب على معاهدتين للمنظمة البحرية الدولية، تهدفان الى حماية البيئة البحرية ضد التلوث سيكون ملتزما بموجبها بمحاربة التلوث البحري.ويتعلق الأمر بالاتفاقية الدولية لسنة 1989 بشأن المساعدة، وبروتوكول 1996 لاتفاقية عام 1972 بشأن وقاية البحار من التلوث الناجم عن النفايات.

ومن جهته، قال المدير العام للمعهد الوطني للبحث البحري، السيد عبد المالك فرج، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن المشاكل المتنامية للتلوث البحري بالمغرب دفعت السلطات إلى وضع منظومة للمراقبة.

وأشار في هذا الصدد إلى أن مشروع بناء سفينة للأبحاث البحرية الذي استفاد مؤخرا من قرض بحوالي 467 مليون درهم من قبل الوكالة اليابانية للتعاون الدولي،سيمكن من القيام بأبحاث متعددة التخصصات تهم التلوث البحري والبيئة ومراقبة المساكن البحرية ودراسة تأثير التغيرات المناخية على المحيطات والبحار.

وأوضح السيد فرج أن هذه السفينة التي يقدر طولها ب48 مترا ستمكن من القيام بحملات علمية في أعماق تصل إلى 1500 متر، وإحراز إنجازات كبرى في مجال تقييم وتتبع المخزونات البحرية، مشيرا إلى أن هذا المشروع تطلب عملا ومفاوضات لأزيد من سبع سنوات بالنظر للخصوصيات التقنية للسفينة.

ويندرج مشروع بناء سفينة للبحث في إطار سياسة واستراتيجية المغرب المتعلقة على الخصوص بمبادرة الحزام الأزرق التي تم إطلاقها خلال مؤتمر كوب 22 بمراكش بهدف حماية المحيطات وضمان تنمية مستدامة لقطاع الصيد البحري وتربية الأسماك، لا سيما من خلال تعزيز نظام ملاحظة المحيطات والنظام الإيكولوجي البحري.

وكان المغرب قد انتخب في نونبر 2015 في مجلس المنظمة البحرية العالمية، مما يبرهن على الثقة التي تحظى بها المملكة لدى المجموعة الدولية البحرية.

ويعتبر المغرب عضوا نشيطا في المنظمة البحرية العالمية، ويدعم كل مبادراتها التي تشجع على التعاون التضامني بين الدول الاعضاء، كما يعمل على تعزيز الخدمات المينائية، وحماية البيئة البحرية، والبحث والانقاذ البحري، والوقاية ومحاربة تلوث البيئة البحرية.

اقرأ أيضا